مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣)
تصانيف
إِنْكَار شَيْء بِلَا حجَّة وَلَا علم يَقُول ﵀: “وَمِمَّا يجب أَن يعلم أَن الَّذِي يُرِيد أَن يُنكر على النَّاس لَيْسَ لَهُ أَن يُنكر إِلَّا بِحجَّة وَبَيَان، إِذْ لَيْسَ لأحد أَن يلْزم أحدا بِشَيْء، وَلَا يحظر على أحد شَيْئا بِلَا حجَّة خَاصَّة، إِلَّا رَسُول الله ﷺ الْمبلغ عَن الله الَّذِي أوجب على الْخلق طَاعَته، فِيمَا أَدْرَكته عُقُولهمْ، وَمَا لم تُدْرِكهُ، وَخَبره مُصدق فِيمَا علمناه وَمَا لم نعلمهُ، أما غَيره إِذا قَالَ هَذَا صَوَاب أَو خطأ فَإِن لم يبين ذَلِك بِمَا يجب بِهِ اتِّبَاعه [لم يجب اتِّبَاعه] ١، فَأول دَرَجَات الْإِنْكَار أَن يكون الْمُنكر عَالما بِمَا يُنكره ... فَلَيْسَ لأحد من خلق الله كَائِنا من كَانَ أَن يبطل قولا أَو يحرم فعلا إِلَّا بسُلْطَان الْحجَّة”٢.
وَلم يكن ﵀ دَاعيا إِلَى مَذْهَب أحد من النَّاس فِي أصُول الدّين، بل كَانَ منافحًا عَن مَنْهَج السّلف دَاعيا إِلَيْهِ ومنتصرًا لَهُ، وَكَانَ يَقُول: “كلما كَانَ عهد الْإِنْسَان بالسلف أقرب كَانَ أعلم بالمعقول وَالْمَنْقُول”٣ وَيَقُول ﵀: “مَعَ أَنِّي فِي عمري إِلَى سَاعَتِي هَذِه لم أدع أحدا قطّ فِي أصُول الدّين إِلَى مَذْهَب حنبلي وَغير حنبلي، وَلَا انتصرت لذَلِك، وَلَا أذكرهُ فِي كَلَامي، وَلَا أذكر إِلَّا مَا اتّفق عَلَيْهِ سلف الْأمة وأئمتها، وَقد قلت لَهُم غير مرَّة أَنا أمْهل من يخالفني ثَلَاث سِنِين إِن جَاءَ بِحرف وَاحِد عَن أحد من أَئِمَّة الْقُرُون الثَّلَاثَة يُخَالف مَا قلته فَأَنا أقرّ بذلك، وَأما مَا أذكرهُ فأذكره عَن أَئِمَّة الْقُرُون الثَّلَاثَة بألفاظهم وألفاظ من نقل إِجْمَاعهم من عَامَّة الطوائف”٤.
وَكَانَ ﵀ مُتبعا للنصوص ومنهج السّلف الصَّالح رضوَان الله عَلَيْهِم
_________
١ - مَا بَين القوسين زِيَادَة من الباحث ليستقيم الْكَلَام.
٢ - مَجْمُوع الْفَتَاوَى ٣/٢٥٤.
٣ - مَجْمُوع الْفَتَاوَى ٣/٢٢٨.
٤ - مَجْمُوع الْفَتَاوَى ٣/٢٢٩.
1 / 371