مباحث الأمر التي انتقدها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣)
تصانيف
فِي نِسْبَة معِين إِلَى تَكْفِير أَو تفسيق، ناهيًا عَن التسرع فِي ذَلِك، مطالبًا بالتثبت فِي ذَلِك وَاتِّبَاع الشُّرُوط الشَّرْعِيَّة فِيهِ يَقُول ﵀ “إِنِّي دَائِما وَمن جالسني يعلم ذَلِك مني أَنِّي من أعظم النَّاس نهيا عَن أَن ينْسب معِين إِلَى تَكْفِير، وتفسيق، ومعصية، إِلَّا إِذا علم أَنه قد قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة الرسالية الَّتِي من خالفها كَانَ كَافِرًا تَارَة، وفاسقًا أُخْرَى، وعاصيًا أُخْرَى، وَأَنِّي أقرر أَن الله غفر لهَذِهِ الْأمة خطأها، وَذَلِكَ يعم الْخَطَأ فِي الْمسَائِل الخبرية القولية، والمسائل العملية”١.
وَكَانَ ﵀ ذَا علم متبحر، مستظهرًا لأقوال السّلف الصَّالح رضوَان الله عَلَيْهِم والأدلة النقلية، والعقلية، وَهَذَا ظَاهر بَيِّن تَمام الْبَيَان فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى، وَمن ذَلِك أَنه ﵀ سُئِلَ عَن رجلَيْنِ تجادلا فِي الأحرف الَّتِي أنزلهَا الله على آدم، فَقَالَ أَحدهمَا: إِنَّهَا قديمَة، لَيْسَ لَهَا مُبْتَدأ، وشكلها ونقطها مُحدث، وَقَالَ الآخر: لَيست بِكَلَام الله، وَهِي مخلوقة، بشكلها، ونقطها، وَالْقَدِيم هُوَ الله وَكَلَامه مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود منزل غير مَخْلُوق وَلكنه كتب بهَا وسألا أَيهمَا أصوب قولا وَأَصَح اعتقادًا؟
فَأجَاب ﵀ عَن هَذِه الْمَسْأَلَة من صفحة ٣٧ إِلَى نِهَايَة صفحة ١١٦ من المجلد الثَّانِي عشر من مَجْمُوع الْفَتَاوَى، وَتكلم عَن الْمَسْأَلَة تأصيلًا، وتقعيدًا، وتفريعًا وتدليلًا، وَنقل أَقْوَال سلف الْأمة وأئمتها بنصوصهم، حَتَّى يخيل للقارئ أَن شيخ الْإِسْلَام قد قضى فِي تحريرها أَيَّامًا عديدة، وراجع مئات الْكتب، وَإِذا بِهِ ﵀ يَقُول فِي آخر الْجَواب “وَلَكِن هَذَا الْجَواب كتب وَصَاحبه مستوفز فِي قعدة وَاحِدَة” ٢.
وَسُئِلَ فِي سُؤال آخر عَن قوم يَقُولُونَ “كَلَام النَّاس وَغَيرهم قديم ... وَلَا فرق بَين كَلَام الله وَكَلَامهم فِي الْقدَم إِلَّا من جِهَة الثَّوَاب، وَقَالَ قوم مِنْهُم بل
_________
١ - مَجْمُوع الْفَتَاوَى ٣/٢٢٩.
٢ - مَجْمُوع الْفَتَاوَى ١٢/١١٦.
1 / 372