~~وفى أول هذه السنة استطاب المقتدر بالله(«الزبيدية»،) فأقام بها مدة، ونقل إليها الذين أرادهم من الحرم، وأمر القواد فعبروا بمضاربهم إليه، ورتبوا حول الزبيدية. وجلس المقتدر الله في يوم (113 ا] سبت فأمر بإطعام القواد ووصل جماعة منهم، ثم شرب مع الحرم وفرق فيهن مالا كثيرا . ووافق أني مضيت إلى نصر الحاجب مسلما عليه فحدثني، بحديث اليوم فقلت له: لو أذنت لي فقلت شعرا في وصف حسن هذا اليوم، وأوصلته لي لأؤصلت إلي خيرا من حيث لا يضرك. فقال: أفعل. فاعتزلت وعملت قصيدة فقرأتها عليه فأنفدها من وقته، فما مرحت من عنده، حتى جاء خادم لأم موسى ومعه خمسة ألف درهم فقال: هذه للصولي، وقد استحسن سيدنا ومولانا الشعر، فشكرت نصر الحاجب وأعلمته أنه هو الذي وصلني. والشعر :
لها كل يوم من تعتبها عثب
تحملني ذنبا وما كان لي ذنب
وتولع بالهجران من غير علة
على ثقة أني بها هائمآ صب
إذا لبست راق اللباس جمالها
وإن سلبت أبدى محاسنها السلب
أذل لها عجبا ببارع حسنها
ويعتادني منها التباريح والكرب [113 ب]
على أنني في الحين أخلس قبلة
وأغصبها أخرى فيطمعني الغصب
سعدت أمير المؤمنين بدولة
تنكبها ريب الحوادث والنكب
يدوم كما تهوى ويثبت ملكها
على رغم أعداء كما ثبت القطب
كواكب سعل قابلثها منيرة
فلا شخصها يخفى ولا نورها يخبو
زها الجانب الغربي لما وطئته
وأظهر تيها واستمر به العجب
وأطلع يوم السبت شمس خلافة
وما خلت أن الشمس مطلعها الغرب
تلبس حسنا بالخليفة جغفر
وأشرق من إشراقه البعد والقرب
ومد عليه الله ظل غمامة
فطاب لها العزف المحرك والشرب
ولم أر يوما مثله دام طيبهآ
واعتب حتى ما عليه لنا عثب
تباعد من حر وبرد هواؤه
وما منهما إلآله مركب صعب
فما احتكمت فيه الوحول ولا سفت
ولا ذاب للشمس اللعاب بجوها
ولا مد في الآفاق من جهيها هدذب
(114ا] بعرصة بستان تكامل حسنهآ
تشوقه عين ويألفه قلب
تألف فيه النور من كل جانب
كما ائتلف المرجان واللؤلؤ الرطب
صفحة ١١٩