رش ...
رش ...
رش ...
رش ...
لي إي إي إي إي إي ...
والمقطع الثاني يغير الكلمة فتصبح جيش وتنتهي بالصوت ترا آ آ آ آ ... وفي الثالث تصبح فليش وتنتهي تو و و و إي ي ي ي، وفي الرابع تتكرر سيش أربع مرات وتنتهي بالصوت المحدود مو و و و و ... إلخ، هذا إلى جانب قصائد أخرى تقدم ما يسميه «ياندل» بالأشكال «الفارغة»، ومنها قصيدة عن السوناتة تسير على نفس ترتيب السوناتة إلى أربعة عشر سطرا، مقسمة إلى مقاطع 4، 4، 3، 3، والغريب أن قصيدته لا تفعل شيئا في كل هذه السطور إلا أن تكرر كلمة «سونيت» نفسها بحسب النظام المعروف!
56
وهناك كما قلت شعراء عديدون ذكرت لك أسماءهم من قبل يسيرون في هذا الطريق، ولا يمكن الحكم عليهم لقلة المادة التي بين يدي عنهم، والتريث في الحكم لا يمنعنا من إلقاء بعض الأسئلة حول هذه التجارب التي سيفصل المستقبل وحده في أمرها: أيكون الهدف من هذه المحاولات هو إعطاء الكلمة المفردة، بل الحرف الصغير، حقه في الوجود والحياة؟ أتكون الكلمات أشبه بقطع النرد أو الزهر التي يلقي بها الشاعر كيفما اتفق وبطريق الصدفة، أم تكون عودة إلى لغة الطفولة أو بالأحرى أصواتها إلى هذه اللغة الأم؟ وماذا يريد هؤلاء الشعراء من تحويل القصيدة في بعض نماذجهم إلى أصوات تسمع أو رسوم ترى متناثرة على الصفحات البيضاء، بعيدا عن أي دلالة أو معنى؟ هل يريد «ياندل» وأصحابه النمسويون والألمان أن يتركوا خيول الكلمات تسوق عربة الشعر كما تشاء، أم أنهم في الحقيقة أعداء الشعر على الإطلاق أو على الأقل بمفهومه التقليدي؟
لا شك أن القصيدة كانت دائما تقاوم الشاعر وتراوغه ولا شك أيضا أن أمثال هذه التجارب تنطوي على شيء غير قليل من الظرف والذكاء والتشويق والدعابة ... ولو تتبعنا شجرة نسبها - لوجدنا أنها هي الحفيدة الشرعية لمحاولات مختلفة سبقتها على يدي رامبو ومالارميه وبعدهم عدد كبير من التعبيريين والسيرياليين والداديين الذين أطلقوا - كما رأينا - حرية الكلمة، أو بالأحرى إيقاعها ونبر حروفها، في استدعاء كلمات أو أصوات أخرى دون اعتبار للسياق أو المعنى أو البناء اللغوي والنحوي.
ما مصير هذه المحاولات؟
صفحة غير معروفة