الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله تعالى (فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فلما سمعه اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه ثم قام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش فقالوا صبا أبو عبد شمس إلى دين محمد صلى الله عليه وآله فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال فضحتنا يا عم قال يا ابن أخ ما ذاك واني على دين قومي ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال أشعر هو؟ قال ما هو بشعر قال فخطب؟ قال لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة قال فكهانة هو؟ قال لا قال فما هو؟ قال دعني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا أبا عبد شمس ما تقول؟ قال قولوا هو سحر فإنه اخذ بقلوب الناس فأنزل الله تعالى فيه (ذرني ومن خلقت وحيدا) إلى قوله (عليها تسعة عشر).
(وابنه خالد بن الوليد بن المغيرة)
هو الفتاك البطل الذي له وقائع عظيمة وكان يقول على ما حكي عنه: لقد شاهدت كذا وكذا وقعة ولم يكن في جسدي موضع شبر إلا وفيه (أثر طعنة أو ضربة وها انا ذا أموت على فراشي لا نامت عين الجبان. مات سنة 21 (كا) ودفن بحمص. ولا يحتمل المقام الإشارة إلى وقائعه ولكني أشير إلى وقعتين منه:
(الأولى) ما روي أنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله على صدقات بني جذيمة من بني المصطلق فأوقع بهم خالد لترة كانت بينه وبينهم فقتل منهم واستاق أموالهم فلما انتهى الخبر إلى النبي رفع يده إلى السماء وقال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد وبكى ثم دعا عليا فبعثه إليهم بمال وأمره ان يؤدي إليهم ديات رجالهم وما ذهب لهم من أموالهم فأعطاهم أمير المؤمنين " ع " جميع ذلك، فأعطاهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم وبقيت معه فأعطاهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم ولما يعلمون ولما لا يعلمون وليرضوا عن رسول الله.
صفحة ٤١