مضى طاهر الأثواب لم يبق روضة * غداة ثوى إلا اشتهت انها قبر عليك سلام الله وقفا فإنني * رأيت الكريم الحر ليس له عمر قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في ذكر أباة الضيم ما هذا لفظه:
سيد أهل الاباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختيارا له على الدنية أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " عرض عليه الأمان وأصحابه فأنف من الذل فاختار الموت على ذلك، قال وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوي البصري يقول كانت أبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطوسي ما قيلت إلا في الحسين عليه السلام :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده * إليه الحفاظ المر والخلق الوعر ونفس تعاف الضيم حتى كأنه * هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر فأثبت في مستنقع الموت رجله * وقال لها من تحت أخمصك الحشر تردى ثياب الموت حمرا فما اتى * لها الليل إلا وهي من سندس خضر انتهى. ولأبي تمام أيضا كما نقل عن ديوانه من عبقريته الرائية:
ويوم الغدير استوضح الحق أهله * بفيحاء ما فيها حجاب ولا ستر أقام رسول الله يدعوهم بها * ليقربهم عرف وينهاهم نكر يمد بضبعيه ويعلم انه * ولي ومولاكم فهل لكم خبر يروح ويغدو بالبيان لمعشر * يروح بهم عمر ويغدو بهم عمر فكان له جهر باثبات حقه * وكان لهم في بزهم حقه جهر أثم جعلتم حظه حد مرهف * من البيض يوما حظ صاحبه القبر وله رحمه الله في الزهد:
ألم بان تركي لا علي ولا ليا * وعزمي على ما فيه اصلاح حاليا فقد أنست بالموت نفسي لأنني * رأيت المنايا يختر من حياتيا فياليتني من بعد موتي ومبعثي * أكون رفاتا لا علي ولا ليا
صفحة ٣٢