أما الحجة فهي عندي العقل لمن لم يلق أحدا يعلمه فإنه يعلم بعقله أن لنفسه وما يشاهده من أرض وسماء وبحر وجبل وشجر ونحو ذلك من الأجسام صانعا؛ لأنها صنعة ولا تكون إلا بصانع، فإن الشيء لا يخلق نفسه وهو معدوم والمعدوم لا يعمل وإلا لزم أنه متأخر متقدم، موجود معدوم، عاجز قادر، عالم جاهل، فاعل مفعول في وقت واحد من جهة واحدة، وكذا سائر الصفات. وإن قيل: خلقه شيء قبله من جنسه وهو الحوادث لزم أن يكون لخالقه خالق فيتسلسل أو يدور وكلاهما محال، فلا بد أن له صانعا قديما ليس صنعة ولا جنس له وجود أو لا إمكان وهو الله لا إله إلا هو. والأصل علم التعدد والتعدد موجب فساد ولا فساد فقد أدرك أن له ربا محسنا فيحتاج بعقله إلى أن يخدمه لما طبع في النفس حب من أحسن إليه فيلزمه عقله أن يخرج إلى من يعلمه ما يخدم به وهو في نفس الأمر الصلاة والصوم وسائر الفروع وهذا ما عندي مختصرا ولا يوجد لمن قبلي، وأنت خبير بمذهب أصحابنا وقومنا في الكتب. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
صفحة ٢٤