فإن كان الظالم والمظلوم فاسقين عذبهما على كفرهما وفسقهما، وزيد في عذاب الظالم من الفاسقين لصاحبه، حتى يعلم كلاهما أن تلك الزيادة نزلت بالظالم لتعديه في حكم ربه، وتناوله ما حرم الله عليه من ظلمه، ومنع منه من غشمه.
فافهم هديت ما به قلنا فيما عنه سألت وشرحنا.
[تعدد الأئمة الأكفاء]
وسالت عن الأئمة يخرج واحد واثنان وثلاثة وأربعة في عصر واحد، يكونون أكفاء (1) زعمت في العلم والجسم والورع، فقلت: من المستحق منهم؟
واعلم رحمك الله أن الأمر لأفضلهم فضلا، وأبرعهم معرفة وعلما.
فإن قلت: قد استووا (في ذلك، فلن يستووا، ولن يشتبهوا عند من جعل الله له لبا، وتمييزا وفهما؛ وذلك أنهم إن استووا) (2) في الورع، فلن يستووا في العلم، وإن استووا في العلم فلن يستووا في سائر الخصال، وإن التبس أمرهم في ذلك عند الجهال؛ لم يلتبس أمرهم في التعبير والكلام، والتبيين والشرح لشرائع الإسلام؛ فيكون (أولهم)(3) أولاهم بالإمامة، وإن اشتبهوا في الورع والعلم والمعرفة فأجودهم شرحا وتبيينا، وأهداهم (إلى تفهيم الرعية ما تحتاج إليه، وما لا غنى بها عنه، ولا عذر لها فيه. فمن كان له الفضل) (4) في شيء مما ذكرنا، كان أحق الجماعة بالإمامة من ربنا.
فافهم ما قلنا، وتبين في مسألتك ما شرحنا.
[معنى: وعلى الأعراف رجال]
وسالت عن قول الله سبحانه: {وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم}[الأعراف: 46].
الجواب في ذلك أن {الأعراف} هو: ما ارتفع من الأرض وعلا، وشمخ منها في الهوى.
فتلك أعراف الأرض ومعارفها.
والرجال التي عليها في يوم الدين، فقد قيل: إنها رجال من المؤمنين.
صفحة ٧٤٩