واعلم أن معنى هذا وأحسن ما يؤول في فهمنا أن الله تبارك وتعالى أراد بذلك أنه ليس من شيء إلا وفيه من أثر صنعه وتدبيره وتقديره؛ ما يدل على جاعله ومصوره، ويوجب له سبحانه على من عرف أثر صنعته(1) فيه التسبيح والتهليل، والإقرار بالواحدانية والتبجيل، عند تفكر المتفكر واعتبار المعتبر؛ بما يرى من عجائب فعله جل جلاله، فيما خلق من عروق الأشجار الضاربة في الثراء، وفروعها الباسقة في الهواء، وما يكون منها من ثمار مختلفة شتى، فإذا نظر إلى اثر تدبير الجبار فيها أيقن بالصنع، وإذا أيقن بالصنع أيقن بالصانع، وإذا استدل على الصانع ثبتت معرفته في قلبه، ورسخت وحدانيته في صدره، فإذا ثبتت المعرفة في قلب المعتبر، وصحت في جوراح الناظر؛ نطق لسانه بالتسبيح لجاعل الأشياء، وظهرت منه العبادة لصانعها.
صفحة ٧٣٨