فلما كانت أئمتهم كذلك، وكانوا هم أشر من ذلك؛ فعموا عن الدين، وجهلوا فروض رب العالمين، ولم يعلموا حراما من حلال، من قول ولا فعال؛ شابهوا أئمتهم في فعلهم، واقتدوا بفعلهم(1) في أديانهم، فهم بأديان أئمتهم يقتدون، وفي عمى كبرائهم يعمهون، لم يروا محدودا على حد فيخافوا ما ناله، ولم يروا مهتديا فيتبعوا حاله، ضلال أشقياء متحيرون أردياء، قد غرقوا في الضلال المبين، وجنبوا عن طريق الحق واليقين، اتباع كل ناعق، سيقة كل سائق، لا يعرفون سبيل رشد فيتبعوه، ولا طريق هلك(2) فيتجنبوه، قد اتخذهم كبراؤهم سندا، وجعلوهم لهم يدا، يطفئون بها نور الهدى، ويقتلون بها أهل التقوى، ويظهرون بها (أهل)(3) الفحش والردى، ويخملون بها نور الإسلام، ويظهرون بها أفعال الطغام، ويحاربون بها من دعا إلى دين محمد عليه السلام. يتبلغ(4) الجبارون المتكبرون بأتباعهم المتحيرين، وينالون بهم معصية رب العالمين.
فلما أن علمنا أن هذه حالهم، ووقفنا على أنها سبيلهم، لم نستجز بعد ملكهم والقهر لهم، والعلو بعون الله على جبابرتهم أن نقيم الحدود فيهم، مع ما قد علمنا من جهلهم، حتى نبين لهم ما ندعوهم إليه، وما نوقفهم عليه، ثم نمضي الحدود بعد الإنذار والإعذار؛ {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم}[الأنفال: 42].
[تسبيح الجمادات وسجودها]
وسالت أكرمك الله عن قول الله سبحانه: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44].
صفحة ٧٣٧