وكذلك من ينتحل اسم الإسلام والإيمان، وهو مقيم لله سبحانه على كبائر العصيان، فحاله عندنا حال من ذكرنا من العاصين، وإن كان(1) بمحمد من المقرين، فهو مقر بلسانه جاحد بفعله، عن الله معرض بقلبه، وقد أبى الله عز وجل أن يكون من كان كذلك أو على شيء من ذلك مؤمنا، حتى يقيم شرائع الإيمان بفعله، ويصحح القول بعمله، وفي ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون}[الحجرات: 15] فدل بقوله إنما المؤمنون الذين آمنوا وفعلوا على ان من لم يفعل ذلك فليس من المؤمنين، ومن لم يكن من المؤمنين فليس من المتقين، ومن لم يكن من المؤمنين المتقين فهو من الكافرين الفاسقين.
وفي ذلك ما يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه، أنه قال: (( الإيمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان بالعقول )) فبين أن العمل أصل الإيمان، وأن من لم يكن له عمل زكي فليس بمؤمن تقي، ومن لم يكن مؤمنا مرضيا فهو كافر شقي.
والاحتجاج في هذا فكثير، وقليلة يجزي عن كثيره، لبيانه لمن علم، ووضوحه لمن فهم. وفي أقل مما به احتججنا من القول، كفاية لأهل المعرفة والعقول.
صفحة ٧٣١