وكيف لا يكون من منع الجهاد، وتعلل بالأموال والأولاد(1)، من أشر العباد عند ذي العزة والأياد؛ وقد هتك الدين، وباين رب العالمين، وشرك في دماء المسلمين، وقوى بذلك جميع الفاسقين؟! فكان بخذلانه للدين، وقعوده عن المحقين؛ شريكا للكافرين، ومعاضدا للفاجرين، إذ كانت بخذلانه نيته وسطوته على المحقين، بتخلف المتخلفين مظاهرة. فكان محل الخاذل بخذلانه وقعوده عند الله محل المحارب بمحاربته، لا ينفك الخاذل للمؤمنين، من المشاركة للفاسقين، فيما نالوه من المتقين، في حكم أحكم الحاكمين.
فليتق الله ربه، وليقس بفتره شبره(2)، وليترك عنه التعلات، وليحذر من الله النقمات، فقد وضح الحق لطالبه، واستنار الرشد لصاحبه. فلا عذر في تخلف المتخلفين، ولا حجة في تأويل المتأولين، ولا بد من النصرة لرب العالمين، أو الكفر بما أنزل على خاتم النبين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وسلم.
[تكليم الله لموسى]
وسألت عن قول الله سبحانه: {وكلم الله موسى تكليما}[النساء: 164] فقلت: كيف كان الكلام من الله عز وجل لموسى عليه السلام؟ وما معنى قوله: {تكليما}؟
واعلم هداك الله أن الله تبارك وتعالى لم يوح إلى أحد من الأنبياء إلا على لسان الملك الكريم جبريل عليه السلام، وكذلك إلى موسى صلى الله عليه، فقد كان منه الإيحاء إليه على لسان جبريل حتى كان في هذا الوقت الذي ذكره الله جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله، فكان من الله إليه(3) ما ذكره الله سبحانه من الكلام له عليه السلام.
صفحة ٧١٣