واعلم هداك الله أن النفير والهجرة في سبيل الله واجب على كل من عرفه ممن عدم أربعة أشياء، وكان سالما منها، وهي: العرج والعمى، والمرض والفقر، فمن لم يكن من أهل هذه الأربعة الأشياء فالهجرة عليه والنفير واجبان، والجهاد والقيام لا زمان، لا يفكه عن فرضهما، ولا يزيحه عن واجب أمرهما؛ إلا القيام بهما والأثرة لهما، أو الكفر بمن افترضهما، كما قال الرحمن الرحيم، فيما نزل من الفرقان(1) الكريم؛ حين يقول تبارك وتعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [التوبة: 41] ثم قال سبحانه قطعا منه لحجج المتعللين، واعذارا وإنذارا إلى العالمين، وتبيينا لفرضه الأكبر، وإقامة لدينه الأوفر، وحضا على ما به قوام الإسلام، وصلاح دين محمد عليه السلام : {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم} إلى قوله: {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}[التوبة: 24] ، فجعل المتخلفين عن جهاد الظالمين، في الحكم عنده سبحانه من الفاسقين.
وما ذكر به من ذلك أولئك، ومن كان من الخلق كذلك؛ فكثير في القرآن، معلوم عند أهل المعرفة والبيان، يطول شرحه لو شرحناه، ويجزي ما ذكرناه عما تركناه.
صفحة ٧١٢