والشهود القرآن وأهله والتوراة والإنجيل وأهلها ولا أحد أوفى بعهده من الله وذلك بيع مستبشر به وفوز عظيم، ولا أعظم من نفوس الشهداء وهي سلعة نفيسة، ونفاسة السلعة تعرف بعظم المشترى وجلالة الدلال وعدم الثمن، فإن العظيم لا يباشر الشراء في الغالب ولا يشتري الشيء الخسيس، والدال العظيم يسمو على الأشياء الحقيرة، والثمن العظيم لا يدفع إلا في الشيء الخطير، والدال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والثمن الجنة، والمبيع نفوس المؤمنين.
وإن شئت فقل المبيع الجنة والثمن نفوسهم، وعلى كل حال فتسليمها بالقتال والنفوس، أما نفوس لم يقع عليها بيع لحريتها وهي نفوس الأنبياء عليهم السلام، ومثلها نفوس الملائكة لكن إلا بحول الجنة ثمنها لهم.
وأما نفوس لم يقع عليها لخستها وهي نفوس الأشقياء فاسقين أو مشركين، وأما نفوس وقع عليها لكرامتها عند الله وهي نفوس السعداء ولو لم يكونوا إلا شهداء ومحاربة.
وإن شئت فقل مواده ثلاثة: الأول: " القرآن "
الثاني: " السنة "، والمراد هنا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره حيث قدر على الإنكار ويطلق على ما ليس بفرض من العبادات، وهي لغة الطريق والعادة.
الثالث: " الرأي"، وحدوده ثلاثة تحد من خروج عنه أي تمنع:
الأول: علم ما لا يسع جهله وهو التوحيد والشرك لا يسع عند أول البلوغ جهل التوحيد ولا تركه، ولا جهل شرك ولا فعله طرفة عين.
الثاني: فعل ما لا يسع الناس تركه ولا جهله عند ضيق الوقت، ويكفرون بالجهل حين يكفون بالترك وهي الفرائض البدنية والمالية.
صفحة ٥١