الثالث: ترك ما لا يسع فعله وهي المعاصي، ويجوز جهلها غير الشرك ما لم يفارق بالفعل أو تصويب الفاعل أو تخطة مخطية أو تقم الحجة، وكل المعصية والطاعة المفروضة وغير المفروضة، إما بدنية وإما قلبية وإما مالية، أو إما بدنية مالية كالحج فإنه بمال وبدن، وكتركه فإنه معصية بترك مال وبدن وحرزه؛ أي عن غيره مفرق ثلاث وفاء المؤمن وتضييع المنافق وجحود المشرك، وحرزه أي حفظه ثلاثة:
ولاية المؤمن، وبراءة المنافق والمشرك، والوقوف عن مجهول الحال حتى يعلم، ووجه كونه حرز أنه لو لم يوقف عنه لكان تضييعا للدين، قال الله جل وعلا الله جلاله: ( ولا تقف ما ليس لك به علم ).
وقيل: جعل ترك المعاصي تدل الوقوف إن حج وأظهر والأمر كذلك، كذلك لأن ترك المعاصي يعم الوقوف فيما لا يعلم حاله.
وللكفر قوائم وتسمى قواعد وهي أربع:
الأولى: الكبر وهي تسفيه الحق واحتقار الخلق، وبه استوجب إبليس أعاذنا الله منه البعد عن رحمة الله وهو أول ذنب عصى الله به، بل الأول العجب وعليه بني الكبر ومكان المتكبر السفل دنيا وآخرة إن استعلى، ومكان المتواضع فيها العلو وإن تسفل.
الثانية: الحسد وهو تمني زوال النعمة عن المنعم عليه موحدا أو مشركا، ويجوز تمني زوالها تعظم بها على المؤمنين وأضرهم بها قصدا لدفع التعاظم والإضرار، ولا يسمى ذلك حسدا وهو سب: قتل قابيل هابيل، وخروج آدم من الجنة، والحاسد ظالم في صور مظلوم.
وتمني مثل تلك النعمة بدون حب زوالها عن المنعم عليه يسمى اغتباطا وهو جائز.
والنعمة إما حقيقة وهي أمر محبوب طبعا مناسب يحمد عاقبة المنعم عليه وهي ما أنعم الله به على المؤمنين، وأما تستحيل نقمة وهي نعمة على الكافر فإنها استدراج له ومعاقب عليها.
صفحة ٥٢