(وأما قوله) عفا الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشعر البدن وقال أبو حنيفة الإشعار مثلة* (والجواب) عنه من وجوه ثلاثة (أحدها) أنه إنما ينكر هذا من لا يعرف مذهب أبي حنيفة فإن مذهبه أن إشعار زمانه مثلة وهو مخالفة لإشعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شق سنامها من الجانب الأيسر شقا لطيفا غير موجع للحيوان ولا مؤد إلى تعذيبه وقد بالغ الجهال في ذلك فجعلوا يشقون السنام شقا عنيفا مخالفا لشق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيوجعون الحيوان أولا ثم يتقيح الجرح في شدة الحر ويتدود فيصير مثلة فلما رأى أبو حنيفة ذلك كره ذلك الإشعار لكونه مخالفا للسنة ومثلة وإن كان الخطيب لم يعرف مذهبه أفلم ينظر إلى لفظه رضي الله عنه حيث قال الإشعار مثلة أدخل الألف واللام وهما للعهد في الأصل يعني الإشعار المعهود المعاين ثم قال مثلة وإشعار رسول الله صلى الله وآله وسلم لم يكن مثلة* والخطيب بهذا الطعن فضح نفسه حيث ظهر به أنه كان لا يعرف مذهبه ثم عابه على ما لا يعرفه وليس من العدل سرعة العذل نص الطحاوي على هذا وقال أما الإشعار المسنون فلا بأس به*
(والجواب الثاني) أن الإشعار كان في ابتداء الإسلام حين كانت المثلة مباحة كما في حديث العرنيين ثم نسخت المثلة فنسخ الإشعار كما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المثلة للكفار المعاندين المحاربين فكيف بالحيوان الذي هو غير مكلف والمقصود من الإشعار الإعلام وذلك يحصل بتعليق المزادة والنعل*
صفحة ٦١