(وأما قوله) حاكيا عن يوسف بن أسباط أنه قال رد أبو حنيفة أربع مائة حديث أو أكثر وعد منها قوله للفارس سهمان وللراجل سهم* وأن أبا حنيفة قال لا أجعل سهم البهيمة أكثر من سهم المؤمن وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمقداد يوم بدر سهمان لفرسه وله سهم*
(فالجواب) عنه من وجوه ثلاثة (أحدها) أن رد بعض الأحاديث واجب إما لكونها منسوخة أو مأولة أو معارضة لكتاب الله وبه أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال سيأتيكم عني أحاديث مختلفة فما يكون موافقا لكتاب الله فهو مني وما يكون مخالفا لكتاب الله فأنا منه بريء* وقد فعل ذلك كبار المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين العارفين بكتاب الله وسنة رسوله دون الجهلة بالعلوم الذين ينقلون كما يسمعون ويعملون به ناسخا كان أو منسوخا موافقا لكتاب الله أو مخالفا*
(والجواب الثاني) أن قوله ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمقداد يوم بدر بسهمين* فقد ذكره الواقدي كذلك في المغازي وقد طعنوا فيه فقال يحيى بن معين وضع الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرين ألف حديث* وقال أحمد بن حنبل الواقدي يركب الأسانيد* وقال ابن المديني لا يكتب حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم* وقال الشافعي رحمه الله كتب الواقدي كذب* ولم يعمل الإمام أبو حنيفة بحديثه هذا ولكن لم يسبه كما فعل غيره فأي مأخذ عليه*
(والجواب الثالث) ما يأتي في مسانيد أبي حنيفة رضي الله عنه في باب السير ما يظهر به صحة مذهب أبي حنيفة رحمه الله في هذه المسئلة لكن لم نذكره هاهنا احترازا من التطويل*
صفحة ٦٠