يقول العبد الضعيف ولقد رأيت بخط إمام المسلمين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بديار مصر عند أولاد تميم الداري توارثوه عن آبائهم ما كتبه رضي الله عنه بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه دفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جيرون وكذا وكذا قرى من الشام منها قرية الخليل عليه السلام لتميم الداري وإخوته وكتب في آخره بخطه الشريف كتبه علي بن أبي طالب وشهد بذلك أبو بكر بن أبو قحافة وفلان وفلان ومعاوية بن أبو سفيان وأن أمير المؤمنين عليا أفصح العرب بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكتب أبو طالب وأبو قحافة وأبو سفيان* لأنها اشتهرت كذلك فلم يغيرها فأنى يعاب على أبي حنيفة لو قال أبا قبيس لأن الجبل اشتهر بذلك فلا يغير بعامل*
(والجواب الثاني) أنه ذكر الإمام الحافظ سبط ابن الجوزي أنه افتراء على أبي حنيفة وإنما المنقول بأبي قبيس كذا قاله الثقات من أرباب النقل*
(والجواب الثالث) من أراد أن يعرف مقدار أبي حنيفة في علم النحو والإعراب ويزن ما بينه وبين غيره من الأئمة فليطالع مسائل الإيمان من الجامع الكبير يعرف تبحره في علم الإعراب لأن محمدا رحمه الله ما أخذها وما اغترفها إلا من بحر أبي حنيفة وقد شرحها أئمة النحو ابن جني والقاضي أبو سعيد السيرافي وأبو علي الفارسي وشهدوا بأجمعهم على توغل صاحبها وبلوغه في علم النحو الدرجة العليا والنهاية القصوى وأنه دليل على أن الخطيب ما طالع من مسائل الإيمان وما يتعلق بالنحو وما وقف عليها إذ لو وقف على شيء منها لما اجترى مثل هذه الجرأة وإن غلبه الهوى لأن العالم بمقدار العالم الآخر لا يمكنه بالطبع القدح فيه والمكابرة وأما الجاهل فيجتري لجهله*
(وقد أجاد وأفاد) السلطان الفاضل الكامل الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب الشام قدس الله روحه في كتابه الذي صنفه في الرد على الخطيب فيما طعن على إمام الأئمة وسراج الأمة أبي حنيفة وبين فيه ما يليق به جزاه الله عن الإسلام خيرا*
صفحة ٥٤