226

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

تصانيف

وهذا الذي يتولى الفريقين قد جمع بين الأضداد، فلا يحل له ولاية من حرم الله حدثه، وأوجب عليه البغي بحدثه، وأمر بقتاله، والذي ساوى بين ذلك ضال عن الحق، والذين شكوا في ذلك قد شكوا فيما أمر الله، ولم ينصروا من قال الله: إنه ينصره.

وقد قاتل أبو بكر بالسلف من المهاجرين والأنصار من منع الصدقة، واتفقوا على تصويبه في ذلك، وقاتل من ارتد حتى دخل فيما خرج منه، وقاتل مانع الصدقة حتى أعطى ذلك، ولم يستحل منهم غير ما وجب عليهم، وقال : "لو منعوني عقالا لقاتلتهم عليه".

ألا ترى أنه لم يقبل قول من شك في قتالهم حين قالوا له: "اصبر حتى يقوى جمعك، ويكثر أعوانك"، وقالوا: "أتقاتل قوما آمنوا بنبينا وصلوا معنا -أو قالوا: صلوا إلى قبلتنا- إذ منعونا الشاة والبعير؟!"، فقال: "لو منعوني عقالا مما أعطوه رسول الله ^ لقاتلتهم عليه أو ألحق بالله"، وقال: "حتى آخذ منهم، ولا أفرق بين شيء جمعه رسول الله ^". والله أعلم بلفظ هذه الأخبار كيف كانت؛ إلا أن هذا يدل على معانيها، ولم يعذر أحدا في ذلك.

فمن قال من بعده اليوم: لا يحل قتال البغاة، ولا قتال الجبابرة ممن أقر بالتوحيد، فقد خرج مما سار به المهاجرون والأنصار، والخلفاء الراشدون، وخالفوا كتاب رب العالمين فيما قد تلونا في أمر البغاة، والمقاتلة لهم، وتكفيرهم، وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله.

ألا ترى أن الذين قاتلوا مع أبي بكر من منع الصدقة، ولم يشكوا في قتال أهل البغي مع علي، مثل طلحة والزبير ومعاوية،/164/ ولم يعذروا من شك في ذلك ولم يتولوهم، فإنما وقف من وقف منهم عمن شك في قتال معاوية إذ لم يعلم لم كان تخلفهم عن الحرب.

مسألة: [في ماهية الشرك]

- وسأل عن الشرك: ما هو؟

قيل له: هو الإشراك في الشيء غيره، والمشاركة فيه هو اسم الشرك والإشراك.

فإن قال: فيما يلحق العبد اسم الشرك بالله؟

صفحة ٢٢٦