? وقال قوم: المتشابه هو قوله: ألم وألمص. وكهيعص، وحم. وما يحتمل تأويلين (¬1) في اللغة، والمحكم هو الذي تأويله تنزلة (¬2) تجب في القلب معرفته عند سماعه، والمحكم عندنا والله أعلم ما كان حكمه معلقا بظاهره لا يحتمل وجهين مختلفين كقوله: { لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد } . وقوله: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . (¬3) وقوله: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } . (¬4) وقوله: { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم } (¬5) ونحو هذا. والمتشابه فهو لا يعلم المراد به في ظاهر "تأويله" (¬6) تنزيله؛ وإنما يرجع في حقيقة ذلك من وجوه التأويل المحكم له كقوله جل ذكره: { يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله } . (¬7) وقوله: ? { تجري بأعيننا جزءا لمن كان كفر } . (¬8) وقوله: { ?خلقت بيدي } ، (¬9) { ?وعملت أيدينا } . (¬10) وقوله: ? { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } (¬11) { ?وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون } ، (¬12) { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } . (¬13) ويدل على ما قلنا قول الله تعالى: { ?فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } . (¬14) يقول والله أعلم : إن الذين في قلوبهم مرض وهم المبطلون إنما يبتغون ما يتعلقون به ويرونه حجة إن كانوا متأويلين من أهل الملة، ويظنون أن فيه مطعنا إن كانوا ملحدين فيما يحتمل تأويله في ظاهره وبالله التوفيق.
مسألة القرآن دليل نفسه
وإنه معجز بعجيب نظمه لا يقدر الخلق على أن يأتوا بمثله.
¬__________
(¬1) في (ب) و (ج): تأويلين متساويين.
(¬2) في (ب) و (ج): تنزيله.
(¬3) الشورى: 11.
(¬4) الذاريات: 56.
(¬5) النساء: 23.
(¬6) تأويله: لا توجد في (ب) و (ج).
(¬7) الزمر: 56.
(¬8) القمر: 14.
(¬9) ص: 75.
(¬10) يس: 71.
(¬11) فاطر: 8.
(¬12) التوبة: 93.
(¬13) الصف : 5.
(¬14) آ ل عمران: 7.
صفحة ٢٨