إن (¬1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاء به قوما كانوا هم الغاية في الفصاحة والعلم باللغة والمعرفة بأجناس الكلام (¬2) جيده ورديئه، فشتم آبائهم وأسلافهم وقبح أديإنهم وضعف أخبارهم، وهم أهل الحمية والأنفة والخيلاء والعصبية، فقرعهم بالعجز؛ لأن يأتوا بمثله، ومكنهم من الفحص والبحث والاحتيال، وأمهلهم المدة الطويلة، وأعلمهم أن (¬3) في إتيانهم بمثل الذي أتى به في جنسه ونظمه ما يوجب إحقاقهم وإبطاله حاشا لهم من الباطل ، فبذلوا في إطفاء نوره ودحض حجته أموالهم وآبائهم وأبناءهم وأنفسهم، ولم يعارضوا ما احتج به عليهم من كتاب ربه بأرجوزة، ولا قصيدة، ولا خطبة، ولا رسالة. فصح بهذا (¬4) إنهم لو قدروا على ذلك ما تركوا إلى (¬5) بذل الأموال والأنفس.
¬__________
(¬1) في (ج) و (ب): لأن.
(¬2) في (أ): الناس.
(¬3) " إ ن " لا توجد في (ب).
(¬4) في (ج): هذا.
(¬5) في: (أ): إلا.
صفحة ٢٩