صلى الله عليه وسلم حين يقول: { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم. } (¬1) وبتحريم صيد السمك يوم السبت على من حرم ذلك عليه، وتحليل ذلك لنا، و بالكف عن العمل يوم السبت، وما أمر به بنوا إسرائيل من ذلك وإباحته لنا.
ودليل آخر هو قول الله تعالى: { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } ? (¬2) والحجة على من زعم أن النسخ لا يكون حتى ترفع تلاوته ما نسخ الله من التوراة بالقرآن وهما متلوان جميعا. فأما نسخ القرآن بالسنة فقد قال به أكثر أصحابنا، واحتجوا بأن الله فرض علينا سبع عشرة ركعة في كل يوم وليلة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سن على (¬3) المسافر بعض ذلك جميعه (¬4) فإذا (¬5) احتج محتج مما قال: إن القرآن لا ينسخه إلا قرآن، وأن نسخ فرض صلاة المقيم بقول الله جل ذكره: { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. } (¬6) وأن الآية إنما أوجبت القصر على الخوف، وقد أجمع المسلمون من أهل الصلاة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم بقصر الصلاة في حال الأمن دون الخوف، وهذا يدل على أن الآية ليست ناسخة والله أعلم.
وأما من زعم أن السنة تنسخ القرآن والقرآن لا ينسخ السنة، فإن من الحجة عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يصلي إلى بيت المقدس بغير قرآن نزل، ثم إن الله نسخ ذلك بقرآن أنزله، وحول القبلة إلى الكعبة.
¬__________
(¬1) آل عمران: 50.
(¬2) النساء: 160.
(¬3) في (ب) و (ج) أن على.
(¬4) في (ب) دون جميعه.
(¬5) في (ج) فإن.
(¬6) النساء: 101.
صفحة ٢٦