وينبغي عند ذلك إن كان الشيء الذي يجري رقيقا أن يغلظ، وإن كان كثيرا أن يستفرغ، وإن كانت الطبيعة حركته، ثم كانت في وقتها تبعث ما تبعث من غير أن تحدث حدثا بتة في جرم العين، إذ كان ليس جرمها سبب سيلان ما يسيل.
فأما الظن أن ورما ما هو مرض احتقان، وورما آخر هو مرض انبعاث، وورما آخر هو مرض مركب، فلا أعلمه يكون من عاقل.
وذلك أني أقول إنهم أولا قد نسوا قولهم: إنه ليس ينبغي أن نحكم علی الاسترسال بالاستفراغ، ولا علی الاستمساك بالاحتباس، لكنه إنما ينبغي أن ننظر إلی نفس حالات الأبدان.
فإذا كانت هذه الحالات في جميع الأمور متشابهة، وليس يظهر أن بين هذا الورم الذي حدث الآن وبين الورم الذي كان قبله فرقا سوی أنه يجري من أحدهما شيء ولا يجري من الآخر، فلا شيء أشنع من أن يسمی هذا الورم مرضا مركبا، ويسمی الآخر مرض استمساك.
صفحة ٨٥