============================================================
صدق إرادته، وقطع سموات سبع من الامتحان بنجاح، صيره الحق عز وجل طيرأ(34.
فلم يزل يطير في الملكوت، ويجول في الجبروت، ويقطع حجبا بعد حجب حتى انتهى إلى الكرسي، ولم يزل يطير حتى انتهى إلى بحر من نور، ولم يزل يقطع بحارا بعد بحار، حتى انتهى الى البحر الأعظم، الذي عليه عرش الرحمن،: ولم يلتفت ابويزيد إلى شييء بل كان يردد دائما مرادي في غير ما تعرض علي " ..
فلما ظهر صدق إرادته ناداه الحق : "إلي .. إلي . اجلس على بساط قدسي، حتى ترى لطائف صنعي.
وهنا صار أبو يزيد الى حال لا يستطيع وصفه، واستقبله روح كل نبي، وخاطبه محمد بقوله : "يا أبا يزيد، مرحبا وأهلا وسهلا، قد فضلك الله على كثير من خلقه تفضيلا ، إذا رجعت أقرىء أمتي مني السلام، واتصحهم ما استطعت، وادغهم إلى الله عز وجل" . هذه نهاية معراج أبي يزيد البسطامي، ففي أعلى مواطن القرب يخاطبه النبي ويحتله رسالة إلى أمته وبذلك اكتملت عناصر المعراج الصوفي في معراج أبي يزيد، إذ انه رؤيا منامية من جهة، ومن جهة ثانية لم يرسله الله عز وجل إلى البشر بتشريع جديد، بل ها هو يقف في نهاية معراجه أمام نبي هذه الأمة، وصاحب الأمر فيها ينتظر أوامره.. فنفهم من هذا النص أن من يفضل الولي ويصطفيه بالولاية هو الله عز وجل، ولكن متى تعينت ولايته، يتقدم لينسلك في البناء الروحي للأمة الاسلامية، وهو بناء هرمي يستوي على قمته النبي معراج ابن عربي: في الليل تسقط كل حركة ويتوقف كل سعي، تنام عوالم دنيانا الفانية، وتستيقظ أعماقنا لتمد ظلال نورها على ظلمة الأشياء، تنطلق الأعماق من سجن البدن والزمن، وترحل في عوالم مشهودة لها فقط. . فإن كان الإنسان منا ينتمي في النهار الى دنيا الناس ، ففي الليل تنتمي الكائنات كلها إلى دنياه الخاصة إنه الوقت الذي نخلو فيه بأنفسنا، ونسكن إلى جوهر وجودنا.
(34) تلاحظ ان الملائكة في السموات السبع التي قطعها ابو يزيد كانت تاخذ في اكثر الأحيان صورة الطير.
ولا يخفى ما في رمز الطير من مضامين انطلاق وتحرر من جهة، وعرفان من جهة أغرى (الهدعد - منطق الطير)
صفحة ٣١