الاوسزل الىا اللةتاهلالاسى /11135112 كتاب المعحراج ى الدين بن هرى تحقيق وشرح . سعيادالحكيم استاذة علم التصوف يفت الجامعة اللبينانيكة مع دراستة عن المعراج النبوي والمعراج الصوفي دندرة للطباعة والنشم
صفحة ١
============================================================
112 الال (لاقاقا لاششخ الاسشل ا لما اماا اهلالاس
صفحة ٢
============================================================
الطبعة الأولى 1408 1988م جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف الناشر: دندرة للطباعة والنشر منطقة الظريف - شارع الاستقلال - بناية سنو- ط 2 - ص ب 6301 /14 ت 314415.
التوزيع : يطلب من دتدرة للطباعة والنشر ويطلب من المؤسسة الجامعية اللدراسات والنشر والتوزيع مجد . ب. 113/2311- ت 802407- 802428 _ بيروت - لبنان
صفحة ٣
============================================================
ذالذ
صفحة ٤
============================================================
9 (الافمر(1 1)1 الى الدندراوتى الثالث، الابيد الفض 1-51 19151 4114 ال ير الفضل برا لعتاش.
63 غرخبت عرنا تطار ذاتى بجنشا عرا صلالوجور.. قلبت آمه1 وجين فيى آفاق المتاح.. طلري الواحى من نقشصى ق اهب وو.11 الاغيار.. واستلنت اترقبيزوغ اليقير..
(اراتفعت نخقرهدايد فكق هج الظلمات.
ادداا .
3 تتبعيت راعيات طرنفكك، فادصاتينى ال حضرة
لا(جبا فيها ولاارداد.
سعاد
صفحة ٥
============================================================
EMPTY PAGE?
صفحة ٦
============================================================
91 ه)8.
مفرهماحق ال دراسة عن المعراج النبوي والمعراج الضوفي
صفحة ٧
============================================================
EMPTY PAGE?
صفحة ٨
============================================================
بسل لله الرحمزالكحيه نظر هارون الرشيد، الخليفة العربي العباسي، إلى غيمة تعبر فضاء السماء، وقال لها جملته المشهورة : " أمطري أنى شئت فإن خراجك راجع الي" خطاب مطمئن إلى امتداد ظلال سيادة المسلمين العرب على أرض الدنيا؛ ولكنه - للأسف- كان الخطاب الأخير. فقد حمل الغد حربا أهلية بين ولديه الأمين والمأمون، وتحركت عصبيات واعراق، لتنافس العرق العربي على الكيان والقرار الإسلامي . وشهدنا فاتحة تمزق وحدة الأمة الإسلامية وبداية أفول جم سيادة العرق العري: وتوالت الأحداث . أعراق وعصبيات تنافس في الداخل، من فرس.
وأتراك، ومطامح على الأطراف تجتاح بالحروب صليبية من الغرب ومغولية تترية من الشرق، والنتيجة معروفة : دويلات في الشرق ودويلات في الغرب.
وأفقنا على أرض تتناقص من أطرافها، تتفسخ وتتصدع من وسطها. .
وحروب صغيرة وكبيرة، متوالية ومقتطعة، نالت من الكيان العسكري والسياسي للدولة العربية. ولكن، شاء الله، أن لا يصل التصدع الى الوجود والوجدان الديني للإنسان المسلم، فظلت العلؤم الاسلامية تنمو، والشخصيات المبرزة تلمع، لا يخلخلها قلق المصير؛ كما ظل وجدان الإنسان المسلم متفتحا متفائلا ، لا يثقله - كما اليوم - عبء تاريخ من الإنهيار والتدهور . وعلى الرغم من تمزق السلطات، فقد كانت الشعوب الاسلامية، تتعم بوحدة حقيقية وتواصل جسدته أسفار العلماء بين شرقي وغرب، ونزولهم في أي بلد إسلامي دون غربة حضارية
صفحة ٩
============================================================
أو ثقافية او حياتية معيشية .. لقد كانت بلادا إسلامية في البنية والكيان على اختلاف أنواع حكوماتها وجاء زمن محي الدين بن العرب (560 ه -638 ه) على هدأة من حى الأحداث، في ظل انفراج عهد الأيويين والسلاجقة .. ابن عربي كاتب صوفي رؤيوي، إنتمى ببدنه الى دنيا الأحداث والوقائع، فتعلم وخدم العلماء، وساح في الشرق والغرب، وخاطب الناس على قذر العقول؛ وانتمى بروحه الى عالم السيادة فيه لمحمد ي، لا يشاركه فيها مخلوق، مهما علت رتبته في مقامات الولاية.
وجاءت كتب ابن عربي جميعا تاطقة بهذه السيادة ، وبتفرد النبي في عالم الكمال؛ وكتاب " الإسرا" الذي ننشره هنا ئيين بكل الأسانيد المتوفرة للكاتب المسلم، من عقلية وشرعية، قرانية وحديثية، استدلالية وذوقية، سيادة النبي على قمة البناء الروحي للعالم ، وأنه فرد وأعظم حرمة في الاسلام .
من هنا سر اهتمامي الشخصي بإبن عربي، ذلك انني آنتسب إلى جمع اسلامي، اسسه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر المصلح الإسلامي الكبير والإمام الصوفي المجدد السيد محمد الدندراوي، الذي يلتقي مع الصوفية عامة وابن عربي خاصة في نظرتهم إلى الشخصية المحمدية وكمالها، إلا أنه يفترق عنهم في قراءته لهذا الكمال ؛ فالكمال المحمدي عند الإمام الدندراوي لا يظل حبيس تظرة روحية صوفية، بل هو كمال إسلامي شامل، ترجمته أعمال النبي في بناء الفرد والمجتمع والأمة، كمال علينا أن نقرأه اليوم على مستوى الوجود الديني والإجتماعي والأمي للإنسان المسلم .
التعرلف بمولف الارا": بيى الاين بن عربي يقول ابن عربي في الفتوحات ج1 ص 289: " مرضت، فغشى علي في مرضي، بحيث أني كنت معدودا من الموق. فرأيت قوما كريهي المنظر يريدون اذايتي. ورأيت شخصا جميلا طيب الرائحة شديدا يدافع عني حتى قهرهم فقلت له : من أنت ؟ فقال : أنا سورة "يس" أدافع عنك. فأفقت من غشيتي
صفحة ١٠
============================================================
تلك فإذا بأبي رحمه الله عند رأسي يبكي وهو يقرأ سورة "يس.. وهكذا منذ بداية حياته الروحية ، يتجلى ابن عربي مرادا للالهامات ، مكاشفا في رؤاه ومناماته؛ وباختصار يمكننا أن نعرفه بقولنا : إنه يشهد بالرمز عالم الواقع .
ويقول ابن عربي عن والله في الفتوحات ج1 ص 289: " وكان قبل أن يموت [أي والد ابن عربي] بخمسة عشر يوما أخبرن بوته، وانه يموت يوم الأربعاء؛ وكذلك كان . فلما كان يوم موته وكان مريضا شديد المرض، استوى قاعدا غير مستند، وقال لي : يا ولدي! اليوم يكون الرحيل واللقاء . فقلت له : كتب الله سلامتك في سفرك هذا، وبارك لك في لقائك، ذرية بعضها من بعض .. هكذا تعيش مرادة للقرب ، وهكذا تموت راضية بالرحيل، مطمئنة للسلامة، مشتاقة للقاء (بدن. همر بى العام والعفاره: 1 تكور.
كان والد محيي الدين، واسمه علي بن محمد، عري النسب من سلالة حاتم الطائي، أندلسي المولد والنشأة ؛ وكان من أئمة الحديث والفقه والزهد والعبادة، وصديقا لابن رشد الفيلسوف القرطبي ؛ ولم يكن هذا الأب متمرسا بالمنازلات الصوفية وأحوال القوم ومقاماتهم ، فلم يهم بحياة الباطن الصوفية، بل أفرد أعماقه للزهد والتعبد، فظل فير دائرة العباد والزهاد؛ وحيث انه كان عالما بالحديث والفقه، فهو إذن عالم عابد زاهد . وأراد لاينه أن يمشي مثله تماما في ركاب العلماء العباد الزهاد ، فاعتنى بتعليمه وتكوينه العلمي، وكفل له تربية دينية كاملة، فحظي ابن عربي بنشأة علمية فقهية حديثية آدبية انتقل ابن عريي مع آبيه من مسقط رأسه مرسية الى اشبيلية، وله من العمر ثماني سنوات، وفيها نشأ وتعلم ؛ قرأ القرآن الكريم بالسبع في كتاب الكافي على يد أي بكر بن خلف، كبير فقهاء اشبيلية، وبرز في القراءات، وحين أتمها أسلمه والده إلى جلة من رجال الحديث والفقه، فسمع في وقت مبكر من ابن زرقون والحافظ ابن الجد، وأبي الوليد الحضرمي والشيخ أبي الحسن بن نصر(1) (1) دا : " حي الدين بن عربي* طه عبد الباني سرور، ص 15
صفحة ١١
============================================================
كل هذه العلوم الاسلامية حصلها ابن عربي، وهو لم يتجاوز العشرين من العمر، وهو الزمن الذي نلمس فيه توجهه الى الخلوة والتصوف وأحوال القوم . وكانت بدايته خلوة واحدة، خرج منها يتحدث بكل هذه العلوم - بحسب أقواله - والأرجح أن ذلك كان عام 580 ه - 1184م. لم يأت تصوف ابن عربي ثورة على علومه السابقة، بل جاء مرحلة متقدمة تتوج مسلكه الفقهي وحياته العقلية ؛ وهنا يختلف عن الغزالي الذي كان التصوف منقذه من الضلال .
ويمكن تقسيم حياة ابن عربي الى مراحل أربعة : التكوين العلمي والعملي في الأندلس - السياحية في المغرب الاسلامي - السياحة في المشرق الاسلامي وإقامته في مكة - وأخيرا استقراره في دمشق.
التكوين العلمي والعملي في الأندلس : سلك ابن عربي ، في التحصيل الصوفي، نفس المنهج الذي يتبعه علماء الحديث والفقهاء، فنراه لا يأخذ علما إلا عن صاحبه ولا حالا إلا من أهله . لذلك تعددت أساتذة ابن عرب من رجال ونساء حفظت لنا كتبه كالفتوحات ورسالة القدس أسماءهم تعلم ابن عري معنى العبودية على يد شيخه ابو العباس العريني (2) ؛ وتعلم من موسى بن عمران الميرتلي كيف يتلقى الإلهامات الإلهية(3) ؛ وتعلم على أبي الحجاج يوسف الشبربلي وكان ممن يمشي على الماء وتعاشره الأرواح(4)؛ وتعلم محاسبة النفس على الأفعال والأقوال عن رجلين من " أقطاب الرجال النياتيين " هما: أبو عبد الله بن مجاهد وأبو عبد الله بن قيسوم(5). وتعلم الصبر على اضطهاد العامة عن أبي يحى الصنهاجي الضرير(2)؛ وعلمه أبو عبد الله أشرف الخلوة في الظلام مع تجنب كل داع إلى تشتيت الخواطر (1)؛ وتعلم من صالح البربري السياحة والتجوال؛ وخدم مسنتين متواصلتين صوفية مسنة هي فاطمة (4) الفتوحات ج1 ص 241 318، 222. ج2 ص114، 234، 266، ج 3 ص 442، 196، 705 كما يراجع ابن عربي لأسين بلاسيوس ترجمة عبد الرحمن بدوي ص 21.
(3) را. الفتوحات المكية حيث يذكر ابن عربي موسى بن عمران ، ج 2 ص 8، ج2 ص 107 . كما پراجع بلاسيوس ص 12 4) الفتوحات ج ص 268: يلاسيوس ص 15.
(5) الفترحات ج1 ص 275 بلاسيوس ص 16.
(1) بلاسيوس ص25.
(7) بلاسيوس ص 15.
صفحة ١٢
============================================================
بنت أبي المثنى وكان لها حال مع الله - بحسب تعبير ابن عربي - وكان الله عز وجل قد أعطاها فاتحة الكتاب تخدمها(8)، وترس بالتوكل على يد عبد الله الموروري (9).
وهكذا كانت حياة ابن عربي في الأندلس، مرحلة تكوين علمي وعملي؛ علمي بخدمة رجال هذا الطريق للإكتساب، لأن الخدمة أقرب طريق للمماثلة الصفاتية ، وعملي بالخلوة واعتزال الناس ومتازلة الأحوال المقربة لله السياحة في المغرب الإسلامي : بدأ ابن عربي السياحة في بلاد افريقيا، خارج حدود الأندلس، وله من العمر حوالي الثلاثين سنة، وعلى الرغم من أن شهرته الصوفية كانت تسبقه، إلا أن نيته من السفر انحصرت بلقاء رجال عصره، رغبة في استكمال جوانب التعليم. . فلا نهاية للعلم، لأن فوق كل ني علم عليم وتميزت هذه المرحلة بكثرة السياحة .. فاس، بجاية، تونس ثم العودة الى اشبيلية ومرسية والسفر ثانية وهكذا . وابن عربي في كل هذه التنقلات مشغول الروح بالمبشرات والرؤى، مشغول اليد بالتدوين وكتابة الكتب(10).
السياحة في المشرق الاسلامي 597 ه - 620 ه: في عام 547 ه، وقد بلغ ابن عربي السابعة والثلاثين من العمر بدأت مرحلة هامة في حياته، إذ أنه سيرتحل نهائيا باتجاه المشرق الإسلامي اثررؤية راها(11) .
وبعد مروره بتونس والقاهرة والإسكندرية، نجد له إقامات متقطعة في بغداد وقونية، واقامات شبه متواصلة ني مكة المكرمة حيث عكف على تأليف موسوعته الصوفية " الفتوحات المكية" وتمتاز هذه المرحلة من حياته بالخصوبة من كل نواحيها، لقاءات مع شخصيات صوفية بارزة فقد التقى شهاب الدين السهروردي في بغداد عام 608 .. حفاوة وتكريم من ملوك وسلاطين زمانه فهاهو كيكاوس الأول يخرج (8) الفتوحات ح 2 ص 459 ؛ بلاسيوس ص 27 (9) الفتوحات ج) ص 45 ، رسالة القلس11 بلاسيوس 30.
(10) را. كتاب عثمان يحبى القيم عن مولفات ابن عربي في جزعين باللغة الفرنسية 12966666 56 2666 150 200 176 ع 101ندد2 (11) الفتوحات ج3 ص 573، بلاسيوس 53.
صفحة ١٣
============================================================
بنفسه لاستقباله . وكلمته هي المسموعة عند الملك الظاهر صاحب مدينة حلب ابن صلاح الدين الأيوب.
استقراره في دمشق (620 ه- 638 ه): عندما بلغ ابن عر الستين من العمر، كانت شهرته قد عمت العالم الاسلامي، وتنافس الملوك على استقطابه، وتزاحم العامة على بابه، ولكن حالته الصحية الزمته ان يستقر، فلم يچد أطيب من دمشق وأعدل مناخا؛ يقول : " ان قدرت ان تسكن الشام فافعل، فإن رسول الله ثبت عنه أنه قال عليكم بالشام، فإنه خيرة الله في أرضه وإليها يجتبي خيرته من عباده *(12) ونعم ابن عربي في دمشق بأنواع من التكريم .. نزل في ضيافة القاضي محيي الدين ابن الزكي الذي اشتهر بصحبته لصلاح الدين الأيوي؛ وخدمه شمس الدين أحمد الخولي، قاضي قضاة المالكية ، وكان الملك الاشرف ابن الملك العادل يحضر دروسه، كما تلقى عنه الاجازة لرواية جميع كتبه عام 132 ه.
وهكذا .. عاش ابن عربي حياة وشاها التكريم، ورحل عن الدنيا عام 138 ه تشيعه انواع الحفاوات .
اوا 6- ابن عز: عالم تدمر و كاتب تملهم: منذ أن خرج ابن عربي من خلوته الأولى عام 580 ه وله من العمر عشرون عاما، وهو مطلوب لأنواع المكاشفات والإلهامات والفتوحات والرؤى المنامية وكان ذلك في حياة والده الذي لم يكن ينكر عليه حاله، وإنما لا يستطيع له تفسيرا؛ وها هو صديق والده الفيلسوف الشهير ابن رشد، يطلب من الوالد رؤية الولد، فيرسله اليه عمدا في حاجة ملفقة. ويروي ابن عربي الحدث قائلأ(13) : " فلما دخلت عليه قام من مكانه إلي محبة واعظاما، فعانقني وقال لي : نعم ؟ فقلت له : نعم فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم اني استشعرت بما أفرحه من ذلك فقلت له : لا. فانقبض وتغير لونه وشك فيما عنده وقسال: كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهى ، هل هو ما أعطاه لنا النظر؟ قلت له : (12) الفتوحات ج4 ص 419 ، بلاسيوس 85 . (13) الفتوحات ج1 ص 8، بلاسيوس 54
صفحة ١٤
============================================================
نعم ولا، وبين نعم ولا تطير الأرواح من موادها ، والأعناق من أجسادها" وعلق ابن رشد - بحسب رواية ابن عربي - على معاينته لحال العلم الكشفي الذي وجده عند ابن عربي بقوله : "هذه حالة أثبتناها وما رأينا لها أربابا، فالحمد لله الذي أنا في زمان فيه واحد من أربابها الفاتحين مغاليق ابوابها، والحمد لله الذي خصي برؤيته" وهذا يدلنا على المكانة التي ينازلها ابن عربي؛ فمنذ بدايته أعجز فيلسوف قرطبة والجاه الى الإعتراف الموضوعي بحالته الخاصة، التي تمثل التكريس لولادة تيار جديد في الفكر الصوفي وهو تيار علم المكاشفة، هذا العلم الذي سينافس الفكر النظري الفلسفي في الاسلام، لأنه يضع منهاجا صوفيا ورؤية ما ورائية متكاملة لله والإنسان والكون .
كانت البداية مع المبشرات، وهي منامات كانت تدل ابن عري بالرمز على المكانة التي تنتظره في عالم العرفان والتسطير، عالم اللوح والقلم، فيتثبت فؤاده حين يوافق "المنام الإلهام" . وأوضحها بلا شك تلك الرؤية التي رآها في بجاية عام 597 ه في رمضان، إذ راى أنه عقد زواجه في المنام على نجوم السماء كلها فما بقي منها نجم، ثم اعطي حروف الهجاء فتزوجها جميعها . ويكمل ابن عربي قائلا(14) : " وعرضت رؤياي هذه على من عرضها على رجل عارف بالرؤيا بعيد بها .. فلما ذكر له الرؤيا استعظمها وقال : صاحب هذه الرؤيا يفتح له من العلوم العلوية وعلوم الأسرار وخواص الكواكب ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه ونحن نرى أن هذه الرؤية تعرفنا على الوجهين اللذين اتخذهما الابداع والإلهام في عبقرية حكيم مرسية فإن هذا العارف بالرؤيا الذي فسرها بالفتح في العلوم العلوية والأسرار، قد اقتصر على تفسير الجزء الأول منها وأسقط الإشارة الواردة في حروف الهجاء ؛ وهذه الإشارة، في رأبي ، هامة جدا لأنها تعرفنا على حصوصية إلهام ابن عربي، وتقول رمزا بامتلاك ابن عربي وسائل التعبير اللغوية ؛ فهو ليس ملهم الفكرة فقط، بل ملهم الكلمة والحرف أيضا؛ وهذا ما سيتضح لنا في النقطتين التاليتين اللتين تبينان شقي الإلهام عند ابن عربي (14) الفتوحات ج 1 ص 199، بلاسيوس 12، 13.
صفحة ١٥
============================================================
عالم ملهم : تنوعت أحوال رجال الصوفية قبل ابن عربي، فتنوعت بالتالي كتاباتهم وعلومهم وأقوالهم، وكان على الطالب للتصوف، المهتم ببلوغ الغاية العلمية منه، أن يقرأ للجميع ويؤلف من شتاتهم صورة واحدة النسق ..
فهذا الجنيد، شيخ الطائفة، يتلخص نشاطه الصوفي بالتوحيد؛ فهو موحد سحقه التوحيد، وتحقه، وأفناه عن كل علم سواه. . وهذا الحلاج هام عاشقا فرددت أشعاره ونصوصه أنين أعماقه الملتهبة شوقا ووجودا وفقدا .. وهذا النفري يقف ولا يبارح، ينظر إلى السوى ولا يرى، خوف أن يحرمه الالتفات جماع كليته لاستماع الخطاب الإلهي، فتسقط العوالم عنده في العدم ، ولا ييقى إلا مخاطب ومخاطب وخطاب .. ولو أردنا أن نعدد جميع من تقدم ابن عرب في طريق الرجال، لما اتسع لنا المقال ؛ وخلاقا للجميع نرى ابن عربي وقد خرج عن قيد الحال الواحد، الذي يرفد جملة النشاط الصوفي في مسلك واحد، ويحصر بالتالي التص الصوفي في الفردية والذاتية، إلى فضاء العلوم .
نعم ، لقد خرج ابن عربي عن ذاتية الأحوال الى موضوعية العلوم ، ولكن خروجه هذا كان صوفيا أصيلا، لأننا إذا دققنا بمصادر علومه الصوفية، نجدها في الفتوحات والمشاهدات والالهامات والرؤى المنامية باختصار ان علم ابن عربي هوعلم إلهامي لدني، وليس هذا بمستغرب على إتسان تلقى " الخرقة الصوفية من الخضر عليه السلام ثلاث مرات(15) ؛ وتلقي الخرقة عمل رمزي يدل على الأخذ والمتابعة في الحال والمسلك . وكما أن الخضر عليه السلام ، علمه الله من لدنه علما، كذلك سيكون الشيخ الأكبر ممن اختارهم الله عز وجل للعلم اللدني ، أي العلم الإلهامي بكل أشكاله .
وتصبح الرؤى المنامية عند ابن عربي أبوابا مفتوحة على عالم الأسرار والمعارف اللدنية، وليس ذلك ببعيد عقلا ولا شرعا (16) على رجال استقاموا في (15) يروي ابن عر آته تلقى الخرقة من الخضر ثلاث مرات را : الفتوحات 1 / 244 ، بلاسيوس 12- (16) يتشبث الامام الغزالي يالرؤيا كبرهان ودليل على أن هناك آلة للمعرفة غير الحس والعقل، ويردد ذلك ني كثير من كتيه . يقول في المنقذ " ووراء العقل طور آخر تنفتح فيه عين اخرى، يبصر بها الغيب ، العقل معزول عنها كعزل قوة الحس عن مدركات التمييز ... وقد قرب الله تعالى ذلك إلى خلقه بأن أعطاهم اتونجأ من خاصية النبوة وهو النوم " (المنقذ من الضلال . ص 132. نشر عبد الحليم محمود. دار الكتب الحديثة- القاهرة 1385ه)
صفحة ١٦
============================================================
يقظتهم وطهروا أعماقهم، فأكرمهم الله عز وجل بأن تتنفس أرواحهم في منامهم من حبس الدنيا والبدن، وتحلق في آفاق السماء والأرض وتشاهد عوالم ملك وملكوت، ثم ترجع مطمئنة لتدخل أبدانهم الطاهرة.. وكلما تصفت الأعماق رقت الرؤى وراقت، وهذا الكتاب الذي ننشره اليوم ، والذي يجد مصدره في منام لابن عربي هو الشاهد على المستوى الرفيع الذي تصل اليه الرؤية المنامية للمسلم المؤمن الطاهر البدن المطهر الأعماق، المطلوب للمعرفة والعرفان وهكذا خرج ابن عربي عن قيد الحال الواحد، لينطلق في عوالم العلوم اللدنية الإلهامية، وهو في انطلاقته هذه لم يفارق ميزان العقل الشرعي ، متبعا في ذلك سنة الصوفين في علومهم، والتي تلخصها مقولة : " كلما تكت في قلبي من نكت القوم لا أقبل منه إلا بشاهدين عذلين : الكتاب والسنة .
وها هو ابن عري، بحكم نشأته الفقهية الحديثية، يشهد على علمه الإلهامي شاهدين عذلين هما : القرآن والحديث، فلا نكاد نجد معنى في كتابه الذي ننشره هنا، إلا وهو يتضمن إشارة قرآنية أو نبوية كاتب ملهم: لقد تعودنا أن يهم الشاعر برصف الحروف وسحر البيان، ويهم العالم والعارف برصف المعاني والتكهن ببنية الأكوان، ولكن الصوفيين وحدهم عودونا الجمع بين علر المعنى وعمقه، ويين رقة الكلمة وحلاوتها، فاشتهر لذلك النثر الصوفي عبر التاريخ بقيمة فكرية وأدبية تكرست لدراستها عشرات الأبحاث.
فالإنسان الصوفي بتفتح بصيرته ورقي وجدانه، لا يرضيه ولا يعير عنه إلا نص مثقل بثمار المعرفة، مشتهى في السمع والبصر.. وها هو ابن عربي سليل قوم وخدوا بين المبنى والمعنى، وجاهدوا لبلوغ الغاية في الموضوع والكلمة.
وها هم أتباع الافلاطونية المحدثة من فلاسفة المسلمين ، كالفاراي مثلا الذي يرى أن غاية المعرفة هي الاتصال بالعقل الفعال، ويفح فلسفيا مجالا للمنام كأحد طرق المعرفة وابن سينا على الرغم من أنه من كبار أتباع الفلسفة الارسطية إلا انه ينزع إلى تلطيفها بالافلا طونية المحدتة، وتفوم المعرقة عنده على اتصال التفس بالعالم العقلي را. "نظرية المعرفة الاشراقية واثرها في النظرة إلى النيوة" إبراهيم ابراهيم هلال دار النهضة العربية القاهرة 1977
صفحة ١٧
============================================================
منذ البداية اهتم ابن عريي بالشكل الأدبي للنص، ونظم الحروف نثرا وشعرا . قرأ دواوين الأدب واللغة(17)، حتى انه تولى كتابة الانشاء في ديوان اشبيلية، وما كانت هذه الوظيفة ليناها إلا صاحب قلم رفيع المستوى وكانت بداياته في التاليف ، إذ كان يلهم الفكرة، فيجرد الطاقة للتعبير عنها، وهذا ما نجده في مقدمات كتبه الأولى، كمواقع النجوم، ورسالة الأسفار، وحتى الكتاب الذي ننشره هنا، فهو يقع ضمن الفترة التي كان ابن عربي فيها يؤلف في الحروف مايلهم من مواضيع.
ولكن بعد عام 597 ه، وبعد الرؤيا التي رأى فيها أنه تزوج من حروف الهجاء، توالت مؤلفاته حاملة نفسا جديدا من حيث المبنى ، وتوالت إشاراته في مقدمة الكتب، كالفتوحات مثلا، الذي بدأه في مكة عام 598 ه، الى نمط جديد من الإلهام ، وهو الإلهام في بناء الكتاب وليس فقط في موضوعه (13) ولنا في مقدمة كتابه الأخير فصوص الحكم، النص الأكيد الواضح على الغاية التي بلغها الإلهام عند ابن عربي ، وتكرس لدينا أن ابن عربي ، إلى جانب كونه ملهم المضمون، فهوملهم الكلمة ايضا؛ يقول في المقدمة ص) : " رأيت رسول الله في مبشرة اديتها في العشر الأخير من المحرم منة سبع وعشرين وستماية بحروسة دمشق وبيده كتاب، فقال لي: هذا كتاب "فصوص الحكم" خذه واخرج به الى الناس ينتفعون به ؛ فقلت : السمع والطاعة لله ولرسوله وأولى الأمر منا، كما آمرنا . واخلصت النية، وجردت القصد والهمة الى ابراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة ولا نقصان وسألت الله أن .. يخصني في جميع ما يرقمه بناني وينطق به لساني.. بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي .. حتى اكون مترجما لا متحكما .. فما ألقي إلا ما يلقى إلي ، ولا أنزل في هذه السطور إلا ما ينزل به علي. ولست بنبي ولا رسول، ولكني وارث ولأخرتي حارث" هذا هو ابن عربي، ملهم الكلمة ، يترجم بالحروف ما يلقى اليه من المعاني (17) انظر مقدمة كتابه محاضرة الابرار ومسامرة الاخيار حيث يعدد المؤلفات الأدبية العالية التي قراها واستقى منها (18) راجع مقدمة الفتوحات ج 1 ص 12 ، وج4 ص 43 حيث يقول و بنيت كتابي هذا [ اي الفتوحات) بل بناه الله لا آنا على إفادة الخلق ، فكله فنح من الله تعالى . وملكت فيه طريق الاختصار"
صفحة ١٨
============================================================
دون زيادة ولا نقصان.. إلهام علمي لا يقارب اعتاب الوحي النبوي الأن الوحي النبوي هو وحي تشريعي، وإلهام الأولياء والعارفين ليس إلا فتوح فهم في الوحي النبوي، وقراءة وعي وحضور للشريعة النبوية.
جال.
رموز المبعراجال الابعراج السنبويى يرى ابن عربي أن المعراج الصوفي أو معراج الولي هو خصوصية للتابع المحمدي، فليس لغير الأولياء المحمديين أن تعرج أرواحهم في منامهم إلى السموات أو إلى جنة أو نار. . وهو في الوقت نفسه معراج تقليد؛ فكيف لنا أن تعرف ترتيب وجود الأنبياء عليهم السلام في السموات أو غير ذلك من علوم المعراج لولا أن يعرفنا ذلك رسول الله في معراجه. . فمعراج الولي - كرواية الكتاب الذي ننشره هنا - هو رؤية منامية تجد أصولها وجذورها في الرواية النبوية للمعراج، ولذلك يتوجب علينا أن نبدأ بدراسة رموز ومعاني المعراج النبوى لأنه الأصل والمثال.
توفي أبو طالب عم النبي ومناصره . وبعد أيام توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها زوج النبي، وخير سند له في الدعوة . إنه حقا عام الحزن : اشتد أذى قريش وجهرت بنواياها في قتل النبي فخرج إلى الطائف ينشد نصيرا، ولكنه عاد اكثر حزنا، يشكو الى الله عز وجل ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس.. وجاء حدث الاسراء والمعراج ليقول للنبي بالحس والمحسوس : أنت كريم مكرم عند خيرة أهل الأرض من الناس، وهم الآنبياء . أنت كريم مكرم عند الملأ الأعلى ، وهم الملائكة أهل السماء. .
أنت كريم مكرم عند رب العزة، أدناك وقربك، ورفعك فوق كل نبي وملك(14).
(19) احتلف في تاريخ الاسراء والمعراج فقيل كان قبل البعثة وهو شاذ، وقيل قبل المجرة بستة وهو الأرجح قاله ابن مسعود وجزم به التووي وبالغ ابن حزم فنقل فيه الاجماع . وقيل قلها بثمانية اشهر حكاه ابن الجرزي، وقيل بثمانية عشر حكاه ابن عبد الله، وقيل بثلاث سنين وقال الزهري بخس حكاه عنه القاضي عياف .. والمشهور الذي سار عليه جمهور المسلمين انه في ليلة 27 رجب قبل الهجرة بسنة
صفحة ١٩
============================================================
باختصار ان المعراج النبوي هو رحلة تقص علينا بالرمزانباء مقام محمد ، وتقدمه في البناء الروحي للكون على كل تبي مرسل وكل ملك مقرب .
هذه الرحلة النبوية تواترت فيها الروايات وتعددت، ونستطيع من الوقوف على مجموع هذه الأحاديث - جريأ على منهج ابن كثير- ان نحضل الحق، وهو مضمون ما اتفقت عليه(20).. ولنتوقف قليلا عند معان حملتها الكلمسات سنين وسنين ولم تطرحها الا بين أيدي ثقات مؤمنين.
1 - التحضير البدني : سبق الإسراء والمعراج تحضير بدني خصوص، ففي المسجد الحرام قبيل الإسراء، شق صدر النبي، وغسل قلبه وملىء حكمة وإيانا، وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يثبت فيها شق الصدر؛ الأولى، كما عند مسلم من حديث أنس، حين أخرج منه علقه وقيل : هذا حظ الشيطان ، وذلك حتى ينشأ معصوما من الشيطان ؛ والثانية عند البعث وذلك حتى يتثبت فؤاده ويتقبل الوحي وهو في كمال تطهره؛ والثالثة هي قبيل العروج ليثبت للرؤية في الحدث العظيم (21) .
- أهمية الإسراء: الإسراء هو الجزء الأول من الرحلة النبوية ، انها المسافة التي قطعها النبي راكبا البراق من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى . ويقدم الاسراء الكثير من الأدلة على جسية هذه الرحلة وحقيقتها ، انها رحلة تنتمي الى عالم الواقع الملموس، ذهب فيها النبي بروحه ويدنه، يقظة في الليل، وبرفقة جبريل من مكة إلى بيت المقدس : تكمن أهمية حدوث الإسراء في هذه الأدلة الحسية التي يقدمها للمنكرين، وإلا فما الحكمة من أن يسبق العروج، ولماذا لم يتم عروج النبي مباشرة من مكة بيت الله الحرام الى السموات ؟!
لقد حدث الإسراء لأن هذا الجزء من الرحلة النبوية واقع تحت البرهان تجاه المسلمين والقرشيين، فلو قال النبي مباشرة غرج بي الى السماء ، لم يملك أحد (20) انظر تفسير ابن كثير، أول سورة الاسراء حيث يورد أحاديث مسلم والبخاري والاسام أحد والترمذي وغيرهم في الاسراء والمعراج ويخلص الى ان الحق هوما اتفقت عليه الروايات (21) انظر " الاسراء والمعراج للحافظ ابن حجر العسقلاني مكتبة التراث الاسلامي ، القاهرة. ص 27 28 . ويضيف قول القرطبي بأنه لا يلتفت لأنكار الشق ليلة الاسراء لان رواته ثقات مشاهير
صفحة ٢٠