============================================================
ثم خاطبه خطابا منزها عن الصوت والحرف .. { فأوحى إلى عبده ما اوحى} .. خطاب محصوص لا تملك أن نتكهن بكيفيته، ولا علم لنا من مضمونه إلا ما علمنا ونقف حيارى، فإن كان المعراج تشريفا وتكريمأ وتقريبا وايناسأ للنبي، فلماذا في هذا الموقف العظيم ، الفريد في حياة النبي، وفي حياة أمته، يظهر التكليف بالصلوات الخمس؟ .. والتكليف أمانات ، أعباء وأثقال نؤديها في أوقاتها المكتوية 1 وتبرز هذه الحيرة أمام أعيننا حقيقة ملموسة : فإن كانت الشهادتان عتقأ من النار، والصيام تعبأ وصحة، والحج مشقة وغفرانا، والزكاة التزاما ونماءأ، فالصلاة قد تحررت من كل مشقة وتكليف، لأنها الصلة بين الإنسان وريه، والطريق الوحيد الى مرضاة المعبود عز وجل ومن استقامت صلاته استقامت أفعاله كلها "إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر" ..
وتتدافع قبالة أعيننا إشارات تنزع عن الصلاة صفة التكليف، وتجعلها عطية الكريم إلى عباده، إشارات تجعل المؤمن يسارع إليها مسارعة مشتاق إلى اللقاء، الى الوقوف بين يدي ربه عز وجل، ومتى ذعي أحد الى مخاطبة الحق.
فتكاسل أو تهاون ؟!. وها هو الإنسان يخاطب ربه في صلاته، والحق يجيب؛ إنه تعالى قسم الفاتحة بينه وبين عبده .
فالمعراج يقول لنا بالرمز : إن الصلاة ليست تكليفا ومشقة ، بل العكس إنها راحة كلها ، بدليل انها لا تسقط عن المؤمن العاقل أبدأ .. راحة تبدأ مع رفع الآذان ، فقد كان يقول لبلال حين يأمره برفع الآذان : أرحنا بها يا بلال .
راحة تتجلى في الوقوف بين يدي الله عز وجل لأنه تعالى في قبلة المصلي، وتتجلى أيضا في " التحيات " وما يتنزل معها من سلام وسكينة على قلب العبد المؤمن المصلي والمعراج تفهيم لنا انه لو لم تكن الصلاة كلها راحة وقرة عين لم يذكرها الحق عز وجل في هذا المقام . فالصلاة تشريف لا تكليف، انها عين الصلة بين العابد والمعبود، انها قرب ورضى.. "واسجد واقترب".
لقد توقفنا عند أهم معاني المعراج النبوى، التي تمهد لنا دراسة كتاب
صفحة ٢٥