============================================================
والجن والإنس والرياح، ومنهم من جعله يبرىء الأكمة والأبرص ويحي الموق باذنه، ومنهم من كلمه تكليما .. وجاء الإسراء والمعراج يجلي منزلة محمد، فها هو يؤم الأنبياء ويصلي بهم، وها هو يتجاوز السماء السابعة منزل ابراهيم الحخليل عليه السلام ومنزلته، إلى سدرة المنتهى تم الى مستوى يسمع فيه صريف اقلام القدر بما هو كائن ..
وتتداخل الروايات التي تقص تبأ الرحلة المحمدية بعد سدرة المنتهى، وحيث ان ما يهمنا في بحثنا هذا هو معاني المعراج لذلك مهما تداخلت الروايات فهي كلها ناطقة بتفرد محمد بمكانة لم يلحقه فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب ، لأن جبريل، وهو حامل الوحي إلى الأنبياء عليهم السلام ، لم يملك إلا أن يتوقف عند سدرة المنتهى، مرتلا قوله تعالى { وما منا إلا له مقام معلوم } [ الصافات 164)، وفي ذلك اشارة إلى أن محمدا ل في ترقيه وعروجه خلف وراءه كل المخلوقات من إنس وجن وملائكة، وتقدم ليتقلد مقامه المخصوص: وقد أبدع ابن عربي في بيان مقام محمد - في الكتاب الذي ننشره هنا - حين قارن الإشارات القرآنية، فقال : كم بين من يقول : "عجلت اليك رب لترضى" ، ويين من يقال له : { ولسوف يعطيك ربك فترضى} ؛ وكم بين من يقول: { رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين}، ويين من يقال له { ليغفر لك الله ما تقدم من ذتبك وما تأخر} . . فكل ما كان مطلوبا للأنبياء في السابق نراه الآن يطلب محمدا لأنه مقامه وحظه من الكمال ، والإسراء والمعراج هو النص المثالي الدال على مكانة النبي وسيادته .
9 - القرب والخطاب الإهي : لا يقترب مخلوق من الله عز وجل قربا مكانيا، فإنه تعالى لا يحويه مكان ونسبة الأمكنة إليه واحدة، ولكن القرب المقصود في كلام الصوفية عامة هوقرب معنوي. هو قرب محبة ورضى، قرب مكانة لا مكان :.
والمعراج قرب وتقريب وارتقاء إلى مكان طاهر مطهر، لم تدوسه قدم غير قدم النبي فإن كان الحق عز وجل قد خاطب موسى عليه السلام في الوادي المقدس في الأرض، فإنه عز وجل قد رفع النبى مكانا عليا فوق السموات السبع منازل الأنبياء، وفوق سدرة المنتهى مقام جبريل، وفوق المستوى الذي يسمع فيه صريف الاقلام التي تنسخ بها الملائكة في صحفها من اللوح المحفوظ،
صفحة ٢٤