قال مثله قول أوس بن حجر: (١)
(٢) وَهَبَّت الشَّمْأَل البَليلُ وإذْ ... باتَ كميعُ الفَتاة مُلْتَفِعا
أي: ملتفًّا ناحيةً لا يُضاجِعُهَا (٣).
* * *
١٠ - وقال أبو عبيد في حديث النّبي ﷺ، أنه ذكر المختالات المُتَبَرِّجَات، فقال: (٤) "لايدخل الجنَّة منهنَّ إلَّا مِثْل الغُراب الأعْصَم".
قال أبو عبيد: الأعصم (٥)، هو الأبيض اليَدينْ، ومنه قيل للوُعول: عُصْم. قال: وهذا الوصف في الغِربان عزيز، لا يكاد يُوجد. إنَّما أرجُلها حُمْر. وصَف قِلَّة مَنْ يدخل الجَنَّة منهنَّ هذا قول أبي عبيد.
قال أبو محمد: وقد تدبّرت هذا التفسير، فرأيته مضطربًا. لأنَّه قال في أوّله: الأعصم هو الأبيض اليدين. والغُراب ليس له يَدَان. ثم قال بعد، وهذا الوصف في الغربان عزيز لا يكاد يوجد. إنَّما أرجُلها حُمْر، فكانَّه أراد هو الأبيض الرِّجْلَين (٦). وذكر مع هذا أن أرْجُلَ الغِرْبان حُمْر. ولم أرَ ذلك في البُقْع منها. ولا في الغُدْفان (٧). وإنَّما الحُمْر الأرْجُل،
_________
(١) ديوانه: ٥٤.
(٢) في الديوان:
وعزّت الشمأل الرياح وقد ... أمسى كميع الفتاة ملتفعا
(٣) وينظر رد ابن الأنباري على ابن قتيبة: في الغريبين ١٢٨/ ١.
(٤) غريب الحديث ٣/ ١٠١ - ١٠٢، والنهاية ٣/ ٢٤٩.
(٥) غريب الحديث: قال أبو عبيد: الغراب الأعصم.
(٦) النهاية ٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٧) في الأصل: العدفان، وظ: الغدقان، وكلاهما مصحف: ... والغدفان جمع: غداف. وهو الغراب. ينظر: اللسان (غ/ د/ ف) ١١/ ١٦٨.
1 / 74