قال: وقولُها، لا يُولِج الكفّ، ليعلم البثّ، أحسبه كان بجسَدها عَيْبٌ أو داء تكتئب له، لأنَّ البثَّ: الحزن. فكان لا يدخل يده في ثوْبها ليحسَّ ذلك العَيْب فيشف عليها. تَصِفه بالكرم. هذا قولُ أبي عبيد (١).
قال أبو محمد: قد تدبّرت هذا التفسير فرأيْت المرأة في اللَّفْظَين الأوّلَيْن قد وَصَفتْه بالشَّرَه والنَّهَم والبُخْل. ومن شأنهم أنْ يذمُّوا بكثرة الطُّعْم ويمدحوا بقِلَّةِ الرِّزق (٢). فكيف تهجوه بلفظين وَتَصِفه بالكرَم في الثالث؟ ولا أرى القول فيه إلَّا ما قال ابن الأعرابي (٣)، فإنَّه رَواهُ: زَوْجي ان أَكَل لفَّ، وإنْ شرب اشْتفَّ، وإنْ رَقَد التفَّ، ولا يدخل الكفَّ ليعلم البثَّ.
وفسَّره فقال: (٤) أرادت إنَّه إذا رَقَد التفَّ ناحيةً ولم يُضاجِعْها، ولم يُمارس منها ما يُمَارِسُه الرجُل من المرأة إذا أراد وَطْئها، فيدخل يدَه في ثوبها فيعلم البثَّ، ولا بثَّ هناك غير حُبّ المرأة دُنوّ زَوْجها منها، ومُضَاجَعَتها إياه، وكَنَتْ بالبثّ عن ذلك. لأنَ البثّ كان من أجله. هذا معنى قول ابن الأعرابي، وليس هو بعينه. قال: وهو كما قالت امرأة من كنانة لزوجها تُعيّره: إن شُرْبك لاشْتِفاف، وإن ضَجْعَتَك لانجعاف، وان شِمْلَتك لالْتِفَاف، وإنَّك لتشبع ليلة تُضَاف، وتأمن ليلة تخاف.
_________
(١) غريب الحديث ٢/ ٢٩٣.
(٢) في الأصل: الرزء، ولامعنى لها في موضعها، والتكملة عن: ظ.
(٣) ينظر قول ابن الأعرابي، في: الغريبين ١/ ١٢٧، والتهذيب ١٥/ ٦٨. وينظر: الموفقيات.
(٤) الغريبين والتهذيب، مع اختلاف يسير ببعض الحروف.
1 / 73