إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث
تأليف
ابن قتيبة عبد الله بن مسلم الدينوري
(المتوفى سنة ٢٧٦ هـ)
تحقيق
عبد الله الجبوري
صفحة غير معروفة
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م
1 / 2
إصْلاح غَلط أبي عبيد في غرائب الحديث
1 / 3
مقدمة المحقق
الحمد لله الذي لم يجعل السّبيل إلى معرفته إلّا بالعجز عن دَرْك معرفته.
وأصلّي وأسلّم على البشير النذير، أفْصَح مَنْ نَطَق بالضّاد.
فهذه رسالةٌ في النقد اللغوي، وتعد رامُوزًا جيّدًا فيه عند العرب، توفّر عليها أحد أعلام التراث العربي الاسلامي.
أفاد العربية والادب والتاريخ والحديث والتفسير بجلائل الأعمال، تناول فيها نَقْد أثر عزيز من آثار: "لغة الحديث".
وقد سار فيها على سَنَن العلماء الإثبات وسَفتهم، من أدب نَفْس جمّ، وتواضع شديد، ومعرفة تامّة بفنّه ..
وكان يقيم نَقْده على الحجّة والبرهان، ويعضده بالدليل والشاهد ...
وهذا الناقد، هو: ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم الدينوري (ت - ٢٧٦ هـ)، والمنقود، هو: أبو عُبَيْد القاسم بن سلّام الهَرَوي، صاحب: "غريب الحديث"، و"الأموال" و"الأمثال" .. والمتوفى في سنة ٢٢٤ هـ، وهو شيخ ابن قتيبة ..
1 / 5
وبتوفيق من الله ﵎ أنشر هذه الرسالة اللغوية بالطَّبْع، بعد نشري لكتاب: "غريب الحديث" .. برًا بنَشْر مآثر السَّلَف، وتمسكًا بولائي الثابت -إنْ شاء الله- للغة السماء .. التي سأصبر نَفْسي عليها ما حَييْت ..
والله المستعان.
1 / 6
ابن قتيبة
عبد الله بن مسلم بن قتيبة، الدّينوري، الكوفي البغدادي، أبو محمد.
أصله من: (مرو (١) العظمى مرو الشاهجان)، ولد بالكوفة (٢)، وقيل ببغداد (٣). في مستهل رجب، سنة ثلاث عشرة ومائتين (٤) للهجرة، ونشأ في موطن ولادته .. فثقف علوم العربية وعلوم الشريعة، ودرس علم الكلام، وأخذ طرفًا من عدوم: الفلسفة والمنطق، ثم تعمق في علوم العربية، والحديث، والفقه .. وتلقى العلم عن مشاهير شيوخ عصره، وهم كثر، وربما يزيد عددهم على الأربعين شيخًا (٥) ..
إنما الذين أثّروا في ثقافته اللغوية، ثلاثة، أبو حاتم (٦) السِّجِسْتاني
_________
(١) معجم البلدان ٧/ ٣٠ - ٣٢
(٢) الفهرست/ ٨٦، نزهة الألباء: ١٥٩، الكامل لأبن الأثير ٧/ ١٧٥.
(٣) تاريخ بغداد ١٠/ ١٧٠، الأنساب: ٤٤٣، إنباه الرواة ٢/ ١٤٣.
(٤) تاريخ بغداد، الأنساب، ابن خلكان ٣/ ٤٢، المزهر ٢/ ٤٦٥.
(٥) ينظر: تأويل مشكل القرآن: (المقدمة: ٣ - ٧).
(٦) مراتب النحويين/٣٨، طبقات النحويين/ ١٠٠، الأنساب/ ٢٩١، الفهرست: ٥٨، وفيات الأعيان ٢/ ٤٣٠، إنباه الرواة ٢/ ٥٨ أخبار النحويين: ٩٣.
1 / 7
(ت - ٢٥٥ هـ)، والرياشي (١) أبو الفضل (ت - ٢٥٧ هـ)، والأصمعي (٢) عبد الملك بن قُرَيْب (ت - ٢١٦ هـ).
وفي علوم الفِقْه والحديث، إسحاق بن ابراهيم، الحَنْظلي المعروف بابن راهَوَيْه (ت -٢٣٨ هـ على رواية). وهو أحد كبار أهل الحديث والفقه في زمانه. وهو شيخ الإِمام البخاري، والنسائي، والترمذي (٣).
وأثر هؤلاء العلماء واضح في آثار ابن قتيبة، وبخاصة في كتابيه: "غريب الحديث، وإصلاح الغَلَط" ..
ثم يبدو إنَّ لأبيه أثَرًا في دراسته لعلوم الحديث، إذ هو من المشتغلين فيه، كما ينقل عنه ولده ابن قتيبة، في: "غريب الحديث"، وفي غيره من كتبه (٤) ..
° ثقافته:
يتميز ابن قتيبة من بين معاصريه، بسعة الثقافة، وهو صِنْو الجاحظ (ت - ٢٥٥ هـ) في هذا الميدان .. وهو ممن تلمذ له في مطالع
_________
(١) نزهة الألباء: ٢٦٢، وفيات الأعيان ٣/ ٢٧، إنباه الرواة ٢/ ٣٦٧، تاريخ بغداد ١٢/ ١٣٨، البغية ٢/ ٢٧.
(٢) ينظر: نور القيس: ١٢٥، وفيات الأعيان ٣/ ١٧٠، بروكلمان (العربية / ٢/ ١٤٧).
(٣) ينظر عنه: الأنساب/٢٤٥، ابن خلكان ١/ ١٩٩، طبقات المفسرين ١/ ١٠٢، تاريخ بغداد ٦/ ٣٤٥، تهذيب التهذيب ١/ ٢١٦، العبر ١/ ٤٢٦، تذكرة الحفاظ ٢/ ٤٣٣، ميزان الاعتدال ١/ ١٨٢.
(٤) ينظر: فهرس الاعلام (غريب الحديث) ..
1 / 8
حياته .. ولعله تأثَّر به (١) .. ثم هاجَمه في كتابه: "تأويل مختلف الحديث" (٢) .. دفاعًا عن السنَّة المطهّرة.
فقرأ ابن قتيبة، علوم الهند، واليونان، وقرأ التوراة والانجيل، وأفاد منها في كتبه. وبخاصة في "عيون الأخبار" و"غريب الحديث" و"المعارف" .. و"تأويل مشكل القرآن" ..
ثم امتاز أيضًا، بالمنهج العلمي (٣)، وهو: "منهج يقوم على الاستقراء والتجربه والبحث واستخلاص النتائج بعد المشاهدة والخبرة" ..
أما أسلوبه في التأليف، فهو نَمَطٌ فريدٌ في فنّه، خِلْوٌ من التكلّف، منزّه عن السَّجْع، قوي فصيح، جمع بين السلامة والدّقة. فهو أشبه بأسلوب المترسّلين من كتّاب العربية ..
وكتبُه: منسَّقة، حَسَنة التأليف، واضحة الفكر، تشيع فيها: "الوحدة الموضوعية" .. جمع في تضاعيفها سَعَة الثقافة، وبراعة التنسيق، ولعل إقبال الناس عليها، كان باعثه هذا الصنيع ..
وقال فيه ابن تيمية (٤): " .. وكان أهل المغرب يعظّمونه، ويقولون: من استجاز الوقيعة فيه، يتهم بالزندقة ويقولون: كل بيت ليس فيه شيء من تصنيفه لا خيرَ فيه .. ".
_________
(١) ينظر: الجندي، ابن قتيبة/١٥٥، وعيون الأخبار ٣/ ٢١٦، ٢٤٩.
(٢) تأويل مختلف الحديث: ٥٩ - ٦٠.
(٣) ينظر: غريب الحديث ١/ ١٦.
(٤) تفسير سورة الاخلاص: /٩٥.
1 / 9
وثقافته اللغوية، مكينة قويّة، ونقده هادف قويم، أفاد من هذه الحصيلة اللغوية، في وضع آثاره اللغوية: "أدب الكاتب"، و"المشكل" و"غريب القرآن"، و"غريب الحديث" و"إصلاح الغلط" .. وأفادت طائفة من أهل اللغة والأدب من هذه الجهود الحميدة .. حتى كان كتابه: "أدب الكاتب" أشبه بالمدرسة الأدبية .. فاحتفى به أهل الأدب، وهشَّ له اللغويون .. حتى عدّه ابن خلدون أحد الأصول الأربعة من أركان الأدب العربي ..
° جهوده في الحديث الشريف:
تصدَّى ابن قتيبة لترّهات المتشككين في بعض أحكام الحديث النبوي، فردَّ عليهم كيدهم، وفنَّد تحريفهم. ولعل كتابه: "تأويل مختلف الحديث" أقوى دليل على هذا الجهد .. كما تصدى لرد على أهل الزيغ والتجسيم والتأويل .. لذلك نعته ابن تيمية (١): بخطيب السنة .. كما أن الجاحظ خطيب المعتزلة ..
فكتب في أصوله ونقده، وفي لغته وغريبه .. ومن آثاره في هذا الباب: "غريب الحديث، إصلاح غلط أبي عبيد، تأويل مختلف الحديث .. " ..
غريب الحديث:
هو ما وقع في متن (٢) الحديث من الألفاظ الغامضة، البعيدة من الفهم لقِلّة استعمالها، أو لدقّة معناها .. وأصول هذا التعريف ترجع إلى
_________
(١) تفسير سورة الاخلاص: ٨٦، ٩٥.
(٢) ينظر: غريب الخطابي (مخطوط ١/ ١٣)، معرفة علوم الحديث/٨٨، تدريب الراوي ٢/ ١٨٤، ابن الصلاح/٢٤٥، الخلاصة/٦٢ غريب ابن قتيبة ١/ ٢١.
1 / 10
معنى: "الغرابة" في الناس والقول .. فالغريب من الناس، إنما هو البعيد عن الوطن، المنقطع عن الأهل والديار ..
ومتن الحديث:
ألفاظه التي تقوم بها المعاني (١)
وعلم غريب الحديث:
هو من المهمّات المتعلقة بفهم الحديث والعلم والعمل به، لا بمعرفة صناعة الاسناد وما يتعلق به (٢).
وهو فن جليل القدر، له خَطَرُه في فهم الحديث الشريف، ويتطلب من طالب الحديث اتقانه وفقه معانيه، ويجب أن يتثبت فيه أشدّ تثبت (٣).
وقد روي عن الامام أحمد بن حنبل (ت - ٢٤١ هـ)، أنه سئل عن حرف من غريب الحديث فقال: "سلوا أصحاب الغريب، فإنّي أكره أَنْ أتكلم في قول رسول الله ﷺ، بالظّن فأخطئ" (٤) .. لذلك قال المحدّثون: الخَوْضُ فيه صعْبٌ، فليتحر خائِضُه (٥).
ومعلوم عند أهل هذا الفن، أن الأقوال المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين (رضوان الله تعالى عنهم) متى جاءت من طريق المحدّثين،
_________
(١) تدريب الراوي ٢/ ١٨٤، الكاشف (مخطوط/ ق ١)، الخلاصة/ ٣٠.
(٢) الباعث الحثيث/١٦٧.
(٣) تدريب الراوي ٢/ ١٨٤، الخلاصة/ ٦٢، الباعث الحثيث/١٦٧.
(٤) تدريب الراوي ٢/ ١٨٤
(٥) الخلاصة/ ٦٢، وتدريب الراوي ٢/ ١٨٤.
1 / 11
تأخذ حكم الأقوال المرفوعة إلى رسول الله ﷺ، من جهة الاحتجاج بها في إثبات لفظ لغوي، أو وضع قاعدة نحوية (١) ..
° وفاته:
وفي بغداد، توفي ابن قتيبة، في سنة ست وسبعين ومائتين للهجرة (٢).
وترك جمهرة من الآثار، في شتى فنون المعرفة العربية والاسلامية المعروفة في عصره ..
طبع منها شيء كثير، ولم يبق منها إلا المفقود، وقليل من المخطوط (٣) ..
° غريب الحديث لابن قتيبة:
تتبع ابن قتيبة خطوات أبي عبيد في: "غريب الحديث" وتعقبه بالنظر والتفتيش والمذاكرة، فوجد ما ترك نحوًا مما ذكر، أو أكثر منه، فتتبع ما أغفل، وفسّر على نحو ما فسّر بالإسناد لما عرف إسناده.
_________
(١) محمد الخضر الحسين: (الاستشهاد بالحديث في اللغة/١٦٧). دراسات في العربية وتاريخها.
(٢) ينظر: الأنساب/٤٤٣، الفهرست/ ٨٦، وفيات الأعيان ٣/ ٤٢، العبر ٢/ ٥٦، وكامل ابن الاثير ٧/ ٤٣٨، النجوم الزاهرة ٣/ ٧٥، تاريخ بغداد ١٠/ ١٧٠، المنتظم ٥/ ١٠٢، مرآة الجنان ٥/ ١٠٥، لسان الميزان ٣/ ٣٥٧، المختصر ٢/ ٥٧، روضات الجنات ٥/ ١٠٥، بغية الوعاة ٢/ ٦٣، طبقات المفسرين ١/ ٢٤٥، إنباه الرواة ٢/ ١٤٤.
(٣) ينظر: دراسة في كتب ابن قتيبة، عبد الله الجبوري، بغداد، (١ - ٢) ١٩٧٨ م ١٣٧٨ هـ، مجلة: "آداب المستنصرية ع/٢، وع/٣".
1 / 12
والقطع لما لم يعرفه .. وكان يرى من قبل، أنَّ غريب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث .. وان الناظر فيه مستغنٍ به ... ثم رأى جملة من الأحاديث ففسّره في (غريبه) على نحو مجانب للصواب، مخالفة في تفسيرها وردّها عليه بكتابه "الإِصلاح" .. (١)
وبعدها .. رأى ان يكمل جهود شيخه أبي عبيد، فوضع كتابه: "غريب الحديث" .. الذي وصفه بقوله: " .. وكنت حين ابتدأت في عمل الكتاب -غريب الحديث- أطلعت عليه قومًا من حملة العلم والطالبين له، فأعجلتهم الرغبة فيه، والحرص على تدوينه، عن انتظار فراغي منه، وسألوا ان أخرج لهم من العمل ما يرتفع في كل اسبوع، ففعلت حتى تم لهم الكتاب ... ثم عرضت بعد ذلك أحاديث كثيرة،
فعملت بها كتابًا ثانيًا .. يدعى كتاب: الزوائد في غريب الحديث .. " (٢).
واختط له منهجًا له قويمًا في تأليفه، حيث كان يعتمد الاسناد لما عرف إسناده، والقَطْعُ لما لم يعرفه. وأشبع تفسيره بذكر الاشتقاق والمصادر، وإيراد الشواهد المثَليَّة والشعرية والمتنخل من كلام العرب. (٣) ..
وإنه وإن حذا حذو أبي عبيد في "غريبه" إلّا أنَّه لم يعرض لشيء مما ذكره أبو عبيد، إلّا حروفًا تعرض في باب، ولا يكمل ذلك الباب إلّا بها، فذكرها بزيادة من التفسير والفائدة (٤). لذلك جاء أصلًا لأهل هذا
_________
(١) غريب الحديث ١/ ٣٦.
(٢) غريب الحديث ١/ ١٥٠.
(٣) غريب الحديث ١/ ٣٦ - ٣٩.
(٤) غريب الحديث ١/ ١٥٠.
1 / 13
الفن، حيث لم يأل أن يبلغ شأو المبرّز السابق، كما ذكر الإمام الخطابي (١) ..
من هنا، يمكن أن يعد "غريبا أبي عبيد وابن قتيبة" أصلًا لكلّ من ألّف في الغريب، وبهما يكون المتطلّب له مستغنيًا ..
ثم جاء الامام حمد أبو سليمان الخطّابي (٣١٩ - ٣٨٨ هـ)، فاستدرك عليهما وقيّد ما فاتهما من أحاديث، فوضع كتابه: "غريب الحديث" .. فسلك نهجهما، واقتفى هديهما، قال الخطابي: "بقيت بعدهما صُبابة للقول فيها متربص، تولّيت جمعها وتفسيرها، مسترسلًا بحسن هدايتهما وفضل إرشادهما" (٢) ..
وبهذه الدواوين الثلاثة، تسمو جبهة هذا الفن، إذ هي مورد كل لاحق ..
° إصلاح غلط أبي عبيد:
ذكر فيه الأحاديث التي وقع فيها زلل، فنبَّه عليها، وأبان في نقده هذا عن خُلُق العلماء العاملين، الذين تنزهت أقلامهم عن الثلب، ومقذع القول .. وتراه يتواضع في تلمسه العذْر لأبي عبيد، في فاتحته، حيث يقول: (ونذكر الأحاديث التي خالفنا الشيخ أبا عبيد ﵀ في تفسيرها، على قلتها في جنب صوابه. وشكرنا ما نفعنا الله به من علمه .. " (٣).
_________
(١) غريب الحديث للخطابي (مخطوط، ق/٣ ج ١).
(٢) ينظر: غريب الحديث، للخطابي (ج ١ ق/ ٣ - ٤)، وغريب ابن قتيبة ١/ ٦٨ - ٦٩، وينظر عن مؤلفات الغريب، في مقدمة النهاية ١/ ٤ - ١١.
(٣) مخطوطة: اصلاح الغلط.
1 / 14
وهذا الكتاب هو الذي أثار حفيظة ابن فارس والأنباري عليه (١). فقد تصدَّيَا للردّ عليه ردًّا فيه شيء من العنف والعنجهية ..
فتتبع الأول بجض هناته، ورد عليها في كتابه (٢): "الصاحبي"، ونشر الثاني جملة منه في كتبه (٣): "غريب الحديث" والأضداد".
وقد بلغت مآخذ ابن قتيبة فيه ثلاثة وخمسين مأْخَذًا .. وردت مفسرة ناقدة لتفسير أبي عبيد.
وأفاد أبو منصور الأزهري منه في كتابه (٤): "تهذيب اللغة" .. حيث ذكره في مقدمته، فقال: " .. فأمَّا الحروف التي غلط فيها، فإنّي أثبتها في موقعها من كتابي .. ودللت على موضع الصواب فيما غلط فيه .. ".
كما أفاد مثله، الهرَوي أبو عبيد (٥)، أحمد بن محمد بن محمد (ت - ٤٠١ هـ) في كتابه: (الغريبين) ..
وأبو منصور الجواليقي (٦) (ت - ٥٣٩ هـ) في: (المعرب من الكلام الأعجمي" .. والزمخشري جار الله/ محمد بن عمر (٧) (ت - ٥٣٨ هـ) ... وابن منظور محمد بن مكرم (٨). (ت - ٧١١ هـ).
_________
(١) ينظر: غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ٧٣، و٧٦، وتهذيب اللغة ١/ ٣٠ - ٣١.
(٢) الصاحبي ص: ١٩٩ - ٢٠٠ (ط/ بيروت).
(٣) ينظر: غريب الحديث ١/ ٧٣، والأضداد: ٩٢، ٩٤ والزاهر: ٢/ ٦٧، ٦٩، ٣٠٢، ٣١٧، ٣٧٣ - ٣٧٤.
(٤) تهذيب اللغة ج ١/ ٣٠ - ٣١.
(٥) طبع الجزء الأول منه فقط، بتحقيق (الدكتور) محمود محمد الطناحي، القاهرة، ١٣٩٠ م، وقد نشر الهروي فوائده على مواد كتابه ..
(٦) المعرب ص/ ٤٨، ٦٣، ٢٢١.
(٧) ينظر: غريب الحديث ١/ ٨٢ - ٨٦.
(٨) ينظر: غريب الحديث ١/ ٣٠، ٦٣ (المقدمة)، ولسان العرب (ج/ ذ/ م).
1 / 15
° شرحه:
ذكر حاجي خليفة (١) (ت - ١٠٦٧ هـ)، أن أبا المظفر محمد بن آدم الهروي (٢) المتوفى سنة/ ٤١٤ هـ. شرحه ..
وذكره الفارسي عبد الغافر (ت - ٥٢٩ هـ)، والقفطي جمال الدين في: "إنباه الرواة" (٣)، قالا: وله من الكتب، "الإصلاح" .. ونقل جلال الدين السيوطي (ت - ٩١١ هـ) ذلك عنهما في: "بغية الوعاة" (٤) ... ولعله هو ..
° نَقْده:
وتناوله بالنقد، ثلاثة من علماء الحديث واللغة والأدب، ولم يصل إلينا شيء من نُقُودهم .. وهؤلاء العلماء، هم:
١ - ابن عبدون، عبد المجيد الفهري الأندلسي، المتوفى سنة/ ٥٢٧ هـ.
وضع رسالة في نقده، وانتصر فيها لأبي عبيد ... والفهري هذا، كان من أدباء إلأندلس، ومن علماء الأثر ومعاني الحديث (٥) ..
_________
(١) كشف الظنون ١/ ١٠٨.
(٢) تنظر ترجمته في: دمية القصر ٢/ ٤٩٤، والوافي ١/ ٢٣٣، ومعجم الأدباء ٦/ ٢٦٧.
(٣) إنباه الرواة ٣/ ١٢٦.
(٤) بغية الوعاة ١/ ٤.
(٥) ينظر: الصلة: ٣٨٢، والفوات ٢/ ١٩، وذكر المرجوة له الرحمة الأستاذ خير الدين الزركلي (ت - ١٩٧٦ م) في: الأعلام ٤/ ٢٩٣ وفاته في سنة / ٥٢٩ هـ، وقال: "ان له من الأثار: رسالة في الانتصار لأبي عبيد البكري على ابن قتيبة" .. وهذا من زلة القلم ..
1 / 16
٢ - القفصي التميميّ، يوسف بن عبد الله، المتوفى في سنة/ ٣٣٦ هـ، وهو من أهل اللغة والحديث ..
ذكر القاضي عياض (١)، أنَّ له كتابًا فى نصرة أبي عبيد، القاسم بن سلام، على ابن قتيبة ..
وجاء النص هكذا: "له كتاب نص فيه أبو عبيد بن سلام، على ابن قتيبة .. " .. وهو مصحف عمّا ذكرت ..
٣ - أبو بكر الأنباري محمد بن القاسم، المتوفى سنة/ ٣٢٨ هـ. رد عليه حروفًا في كتابيه: "غريب الحديث"، و"الزاهر" (٢) ..
٤ - أبو عبد الله المروزي، محمد بن نصر، المتوفى سنة/ ٢٩٤ هـ
وهو من المحدِّثين، الفقهاء. ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، وتفقه بمصر على أصحاب الشافعي. له آثار جليلة في الفقه الحديث. ومنها:
رسالة في الرد على ابن قتيبة في: "إصلاح الغَلَط". ذكره التارودنتي، بقوله: "قال الحافظ: ورد على هذا الرد (إصلاح الغلط) أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، ووقفت عليه في جزء لطيف .. " (٣).
_________
(١) ينظر: ترتيب المدارك ٣/ ٣٥٦ (ط/ دار الحياة بيروت).
(٢) الزاهر ٢/ ٦٩، ٣٠١ - ٣٠٢، ٣٦٦، ٣٨٣، رد عليه في هذه المواضع، وإن لم يصرح باسم كتابه "إصلاح الغلط" فهي منه ..
(٣) ترجمته مبسوطة في: تاريخ بغداد ٣/ ٣١٥، المنتظم ٦/ ٦٣، البداية والنهاية ١١/ ١٠٢، طبقات الشافعية للاسنوي ٢/ ٣٧٢، تذكرة الحفاظ ٢/ ٢٠١، تهذيب التهذيب ٩/ ٤٨٩.
1 / 17
° اسم الكتاب:
ورد اسم كتاب: "إصلاح الغلط" .. عند من ترجم لابن قتيبة، أو عند بعض من ذكر كتاب (١): "غزيب الحديث" لأبي عُبَيْد القاسم بن سلام، باسم (٢): "إصلاح غَلَط أبي عبيد في غريب الحديث" ..
حيث سمّاه ابن قتيبة: "إصلاح الغلط" (٣) .. تارة، وأخرى: "تبيين الغَلَط" (٤).
لذلك وجدتني مطمئنًا إلى جعل عنوانه: "إصلاخ غَلَط أبي عبيد في غريب الحديث" ..
° طبعته:
نشره لأول مرة، المستشرق الفرنسي: "جيرار لكونت - الأستاذ في مدرسة اللغات الشرقية/ باريس، في مجلة: "كلية القديس يوسف، بيروت - ط سنة ١٩٦٨ م. (ص ١٦٢ - ٢٢٥).
وكان المستشرق الألماني: "ريتر، ت - ١٩٧٥ م" قد نشر تعريفًا جيدًا به، في مجلة: "الاسلام، المجلد/ ١٧، ١٩٢٩ م".
_________
(١) ينظر عنها: بروكلمان (ط/ الألمانية - التكملة ١/ ٢٥٨). وهدية العارفين ٢/ ٢١.
(٢) صلة السلف بموصول الخلف (مخطوط، الورقة/ ٤٣).
(٣) ينظر: غريب الحديث لابن قتيبة ج ١/ ٣٥٠، ٤٥٢) ط/ بغداد، تحقيق: عبد الله الجبوري)، وتنظر: مراجع ترجمة ابن قتيبة.
(٤) غريب الحديث ١/ ٤٥٢.
1 / 18
ونشر محقق (١) كتاب: "غريب الحديث" لأبي عبيد، مقتبسات منه، نشرها على المواد التي وقع فيها النقد من كتاب أبي عبيد. لذلك وجدتني مضطرًا لإِعادة نشره، لِإكمال التعريف بجهود ابن قتيبة في مادة "لغة الحديث الشريف" .. هذا من جهة، ومن جهة أخرى .. إن طبعة (لكونت) على الرغم من الجهد الذي بذله فيها، فهي طبعة سقيمة، يشيع فيها التصحيف ويكثر فيها التحريف .. فضلًا عن خفاء مكان نشرها ..
° منهجي في نشر إصلاح الغلط:
نهجت في نشر هذه الرسالة النقدية اللغوية، منهجًا يتفق واسلوبها العلمي ... ويتلخص هذا المنهج بما هو آتٍ:
١ - ضبط النص، الأصل والنقد. ما وسعني الجهد في ذلك ..
٢ - جعلت أرقامًا مسلسلة لأوراق المخطوطة. وحصرتها بين معقوفين هكذا: [].
٣ - تخريج النصوص:
(أ) الآي القرآنية الكريمة. حيث ذكرت اسم السورة، ورقم الآية.
(ب) الأحاديث النبوية .. ورجعت في تخريجها إلى كتب:
_________
(١) نشر في الهند، دائرة المعارف العثمانية، في حيدراباد - الدكن. ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م/ ١٣٨٧ هـ - ١٩٦٧ م. أربع مجلدات، تحت مراقبة الدكتور: محمد عبد المعين خان، ومحققه: السيد: محمد عظيم الدين (كامل الفقه من الجامعة النظامية)، ثم نشر مصورًا في بيروت، ١٣٩٦ هـ - ١٩٧٦ م، دار الكتاب العربي.
1 / 19
"غريب الحديث" واللغة. وعضدتها بكتب الحديث .. توثيقًا لنص الحديث ..
(ج) الشواهد الشعرية والمَثليَّة، ورجعت في تخريجها إلى: دواوين الشعراء، وإلى "لسان العرب" وإلى كتب الأمثال.
(د) نصوص كتاب: "غريب الحديث " لأبي عبيد ..
٤ - ترجمت لبعض الاعلام التي وردت فيه، الذين لم يصيبوا حظأ من الشهرة .. وأغفلْتُ المشاهير المعروفين عند جمهور قراء الثقافة العربية القديمة، لأنَّ المعروف لا يُعرّف.
٥ - صنعت معجمًا لغويًا، لمواده اللغوية ..
٦ - كما صنعت له فهارس عامة.
٧ - جعلت لمواده أرقامًا متسلسلة.
٨ - جعلت اختلاف النص بين النسختين، بين معقوفين [].
° النسخة الأم:
اعتمدت في تحقيق: "إصلاح الغَلَط" نسخة مخطوطة، جيدة النسخ، مضبوطة .. تعتز بها خزانة: "أيا صوفيا - استانبول" ..
وهي تقع في: إحدى وثلاثين ورقة ... مقاسها: ٢٤ × ١٩ سم.
وهي ضمن مجموعة مخطوطة، تضم:
١ - تفسير الألفاظ المشكلة في المهذب.
٢ - معاني ألفاظ المهذب.
٣ - إصلاح الغلط.
٤ - رسالة في ابتداء الخبر (في الحديث).
1 / 20
وبرقم: "٤٥٧". كتبت في القرن السادس الهجري، ومنها مصورة في معهد المخطوطات العربية .. برقم: (٨٤٦).
وهذه النسخة موثَّقة، عليها سماعات، قرأها علماء أفذاذ .. وهؤلاء العلماء هم:
١ - ابن الخشاب:
عبد الله بن أحمد بن أحمد، أبو محمد، النحوي .. كان أعلم أهل زمانه بالنحو، قال جمال الدين القفطي: "حتى يقال: إنه كان في درجة الفارسي" .. وله معرفة بالحديث والتفسير واللغة والمنطق والحساب والأدب، وهو من تلامذة الجواليقي أبي منصور، وسمع منه خَلْق، وكان صدوقًا ثقة، له آثار جليلة في اللغة والنحو .. نشر منها:
١ - رسالة في نقد مقامات الحريري، طبعت في: الاستانة ١٣٢٨ هـ، وفي القاهرة، ١٩٣٢ هـ.
٢ - شرح الجمل للجرجاني، دمشق.
وتوفي في اليوم الثالث من شهر رمضان، سنة سبع وستين وخمسمائة، ووقف كتبه على أهل العلم (١).
٢ - ابن الدهان الواسطي:
أبو بكر المبارك بن المبارك بن سعيد، الوجيه، الواسطي، ابن الدهان النحوي، البغدادي.
كان من أعلام عصره، في اللغة، والنحو، والفقه، ولد في سنة/
_________
(١) ينظر: بغية الوعاة ٢/ ٢٩ - ٣١، وفيات الأعيان ٢/ ١٠٣، إنباه الرواة ٢/ ٩٩، شذرات الذهب ٤/ ٢٢٠، المنتظم ١٠/ ٢٣٨ النجوم الزاهرة ٦/ ٦٥، معجم الأدباء ١٢/ ٤٧، فوات الوفيات ٢/ ١٥٦، وعن آثاره: تاريخ الأدب العربي، لبروكلمان (ط/ العربية ٥/ ١٦١).
1 / 21