الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
الناشر
دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م
مكان النشر
سورية
تصانيف
إن إشارة الخطر حينما تطلق، توشك أن توقظ شعبًا مرهق الأعصاب جسيم الآلام مستوليًا عليه الغضب، كأنما المنديل الأحمر جعله في حالة شبه تنويمية.
فإشارة الخطر التي انطلقت فجأة، قد تذكره بحقه، بل بواجبه في فرض رقابته على السياسة المتبعة في بلاده وفي أن يطلب كشف الحسابات ومراجعتها، وهذا هو الخطر الأكبر على الاستعمار، حينما يرى الشعب المستعمر يتولى بنفسه الحياة السياسية، كما حدث ذلك أو كاد يحدث حينما تأسس في الجزائر سنة ١٩٣٦م، ذلك المؤتمر الذي أقام قادة الأوساط الاستعمار ية وأقعدها.
لقد كانت لحظة خطر شديد بالنسبة للاستعمار، فقد شعر أن الوصل الذي وضعه وأحكم وضعه بين شهوات بدائية تحرك مركب أفراد، وبين اندفاعات عاطفية تهز جماهير، بين عملية هضم وبين سياسة تستهدف السهولة، شعر الاستعمار فجأة أن ذلك الوصل قد أصبح مهددًا حينما انطلقت إشارة الخطر.
فماذا سيفعل الاستعمار في مثل هذه اللحظة؟
ينبغي لنا أن نلاحظ أولًا، أن الإشارة التي أعلنت الحظر، قد تكون بلغت بل إنها بلغت فعلًا إلى علمه، عن طريق مراصده قبل أن تصل إلى شعور الشعب المستعمر، لأنه لا يملك جهازًا- كأن يكون طبقة مثقفة واعية- من وظيفته أن يبلغه هذا النبأ.
وبهذه الملاحظة ذاتها ندخل في الموضوع من بابه: إن إشارة الخطر إذ تعلن في الواقع، عن كتاب صدر أو عن مقالة نشرت أو عن حديث انتشر، إنما تدل على وقوع الحدث الأول من فصل من فصول الصراع الفكري.
الصراع الفكري؟ ...
فهل لهذه الكلمة معنى في البلاد المستعمرة، وهذه البلاد تجهل عمومًا قيمة
1 / 32