الاختيار لتعليل المختار
محقق
محمود أبو دقيقة
الناشر
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٥٦ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
الفقه الحنفي
بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ سَيْحًا فَفِيهِ الْعُشْرُ (سم) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، إِلَّا الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ وَالْحَطَبَ وَالْحَشِيشَ، وَمَا سُقِيَ بِالدُّولَابِ وَالدَّالِيَةِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ، وَلَا شَيْءَ فِي التِّبْنِ وَالسَّعَفِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]
ِ (مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ سَيْحًا فَفِيهِ الْعُشْرُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) وَيَسْتَوِي فِيهِ مَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى، وَقَالَا: لَا يَجِبُ الْعُشْرُ إِلَّا فِيمَا يَبْقَى إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعًا، فَلَا يَجِبُ فِي الْبُقُولِ وَالرَّيَاحِينِ، لَهُمَا قَوْلُهُ ﵊: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» وَقَوْلُهُ ﵊: «لَيْسَ فِي الْخُضْرَاوَاتِ عُشْرٌ» وَلِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَيُشْتَرَطُ لَهُ نِصَابٌ لِيَتَحَقَّقَ الْغِنَى كَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ، وَلَهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧] . وَلَا وَاجِبَ فِيهِ إِلَّا الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْعُشْرَ، وَلَمْ يُفْصَلْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَمَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ. وَقَوْلُهُ ﵊: «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ» وَلِأَنَّ الْعُشْرَ مَئُونَةُ الْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ، وَالْخَرَاجُ يَجِبُ بِمُطْلَقِ الْخَارِجِ فَكَذَا الْعُشْرُ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّكَاةِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَنْصَرِفُ إِلَيْهَا، وَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِالْأَوْسَاقِ، وَكَانَ قِيمَةُ الْوَسْقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، فَيَكُونُ قِيمَةُ الْخَمْسَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ: أَيْ يَأْخُذُهَا الْعَاشِرُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، بَلْ يَدْفَعُهَا الْمَالِكُ إِلَى الْفُقَرَاءِ ; وَقَوْلُهُمَا يُشْتَرَطُ النِّصَابُ لِلْغِنَى قُلْنَا لَا اعْتِبَارَ بِالْمَالِكِ حَتَّى يَجِبَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ وَصْفُهُ ; وَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ لِتُحَقِّقِ النَّمَاءِ وَكُلُّهُ نَمَاءٌ.
قَالَ: (إِلَّا الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ وَالْحَطَبَ وَالْحَشِيشَ) لِأَنَّهَا تُنَقَّى مِنَ الْأَرْضِ، حَتَّى لَوِ اتَّخَذَ أَرْضَهُ مَقْصَبَةً أَوْ مَشْجَرَةً لِلْحَطَبِ فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَالْقُنْبُ كَالْحَشِيشِ.
قَالَ: (وَمَا سُقِيَ بِالدُّولَابِ وَالدَّالِيَةِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ) لِقَوْلِهِ ﵊: «مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِغرب أو دالِيَةِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ» وَلِأَنَّ الْمَئُونَةَ تَكْثُرُ، وَلَهُ أَثَرٌ فِي التَّخْفِيفِ كَالسَّائِمَةِ وَالْعَلُوفَةِ، وَإِنْ سُقِيَ سَيْحًا وَبِدَالِيَةٍ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ السَّنَةِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ نَظَرًا لِلْمَالِكِ كَالسَّائِمَةِ.
قَالَ: (وَلَا شَيْءَ فِي التِّبْنِ وَالسَّعَفِ)
1 / 113