الاختيار لتعليل المختار

ابن مودود الموصلي ت. 683 هجري
110

الاختيار لتعليل المختار

محقق

محمود أبو دقيقة

الناشر

مطبعة الحلبي - القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت، وغيرها)

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٥٦ هجري

مكان النشر

بيروت

وَلَا تُحْسَبُ مَؤُونَتُهُ وَالْخَرْجُ عَلَيْهِ. وَفِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إِذَا أُخِذَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ، وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إِذَا اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ صَارَتْ خَرَاجِيَّةً (سم)، ــ [الاختيار لتعليل المختار] لِأَنَّهُمَا لَا يُقْصَدَانِ، وَكَذَلِكَ بَذْرُ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّمَرَةُ دُونَ الْبَذْرِ. قَالَ: (وَلَا تُحْسَبُ مَئُونَتُهُ وَالْخَرْجُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ ﵊ أَوْجَبَ فِيهِ الْعُشْرَ فَيَتَنَاوَلُ عُشْرَ الْجَمِيعِ، وَلِأَنَّهُ ﵊ خَفَّفَ الْوَاجِبَ مَرَّةً بِاعْتِبَارِ الْمَئُونَةِ مِنَ الْعُشْرِ إِلَى نِصْفِهِ فَلَا يُخَفَّفُ ثَانِيًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيمَا لَا يُوَسَّقُ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْقُطْنِ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ أَدْنَى مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَسْقِ كَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِمَا، وَلَا سَبِيلَ إِلَى نَصْبِ النِّصَابِ بِالرَّأْيِ، فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَمَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَاعْتَبَرْنَا بِالْأَدْنَى نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا بَلَغَ الْخَارِجُ خَمْسَةَ أَمْثَالِ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ نَوْعُهُ وَجَبَ الْعُشْرُ، فَفِي الْقُطْنِ خَمْسَةُ أَحْمَالٍ، كُلُّ حِمْلٍ ثَلَاثُمِائَةٍ مَنٍّ، وَيُرْوَى ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ مَنًّا، وَفِي الزَّعْفَرَانِ وَالسُّكَّرِ خَمْسَةُ أَمْنَانٍ، كَمَا اعْتُبِرَ فِي الْمَنْصُوصِ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ وَهُوَ الْوَسْقُ، فَكَانَ مَعْنًى جَامِعًا فَصَحَّ الْقِيَاسُ. وَوَقْتُ الْوُجُوبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِنْدَ الْإِدْرَاكِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا حَصَلَ فِي الْحَظِيرَةِ ; وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ يُضَمَّنُ الْعُشْرَ وَقَبْلَهُ لَا، وَعِنْدَهُمَا فِي هَذَا وَفِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ. قَالَ: (وَفِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إِذَا أُخِذَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرُ» . وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: الْعُشْرُ فِي الْعَسَلِ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِذَا بَلَغَ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَفِيهِ رَطْلٌ. وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الزَّكَاةِ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ. وَفَسَّرَهُ الْقُدُورِيُّ بِقِيمَةِ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِأَنَّهُ لَا يُكَالُ، فَاعْتَبَرَ الْقِيمَةَ عَلَى أَصْلِهِ ; وَعَنْهُ أَيْضًا عَشْرُ قِرَبٍ، كَذَا أَخَذَ ﷺ مِنْ بَنِيَ سَيَّارَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: خَمْسُ قِرَبٍ ; وَفِي رِوَايَةٍ: خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ نَوْعُهُ كَمَا مَرَّ مِنْ أَصْلِهِ ; وَالْفِرْقُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَطْلًا، وَلَا شَيْءَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: (وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إِذَا اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ صَارَتْ خَرَاجِيَّةً) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ: عَلَيْهِ عُشْرَانِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عُشْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْأَرْضِ فَلَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْمَالِكِ كَالْخَرَاجِ. ثُمَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَمَاعَةَ: يُوضَعُ مَوْضِعَ الْخَرَاجِ. وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ السِّيَرِ: مَوْضِعَ الصَّدَقَاتِ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا يَجِبُ أَخْذُهُ مِنَ الْمُسْلِمِ يُضَاعَفُ عَلَى الذِّمِّيِّ كَمَا إِذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ ; وَيُوضَعُ مَوْضِعَ الْخَرَاجِ كَالتَّغْلِبِيِّ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ النَّامِيَةَ لَا تَخْلُو مِنَ الْعُشْرِ أَوِ الْخَراجِ، وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعُشْرِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ،

1 / 114