الاختيار لتعليل المختار
محقق
محمود أبو دقيقة
الناشر
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٥٦ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
الفقه الحنفي
وَتُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْغَلَبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ لِلْغِشِّ فَهِيَ عُرُوضٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْفِضَّةِ فَهِيَ فِضَّةُ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ كُلُّ عَشَرَةٍ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَلَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، وَتَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَتُضَمَّ قِيمَتُهَا إِلَيْهِمَا.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَتُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْغَلَبَةُ، فَإِنْ كَانَتْ لِلْغِشِّ فَهِيَ عُرُوضٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْفِضَّةِ فَهِيَ فِضَّةٌ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْطَبِعُ إِلَّا بِقَلِيلِ الْغِشِّ، فَلَا يَخْلُو مِنْهُ وَيَخْلُو عَنْ كَثِيرِهِ، فَجَعَلْنَا الْفَاصِلَ الْغَلَبَةَ، وَذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ، فَيَجِبُ فِي الزُّيُوفِ وَالْنبَهْرَجَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عليهما الفضة ولا تجب في الستوقة لأن الغالب عَلَيْهَا الْغِشُّ إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ مَا فِيهَا مِنَ الْفِضَّةِ نِصَابًا أَوْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، وَتَبْلُغَ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَتَجِبَ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَسَاوَيَا لَا تَجِبْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي السَّبَبِ وَهُوَ النِّصَابُ فَلَا تَجِبُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الصَّرْفِ، وَنَظَرًا لِلْمَالِكِ كَمَا فِي السَّوْمِ، وَسَقْيِ الْأَرَاضِي سَيْحًا وَدَالِيَةً عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَالْمُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ كُلُّ عَشَرَةٍ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَاعْتَبَرَ عُمَرُ ﵁ بَعْضَهَا اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا، وَبَعْضَهَا عَشَرَةَ قَرَارِيطَ، وَبَعْضَهَا عِشْرِينَ قِيرَاطًا، وَكَانَ النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي مُعَامَلَتِهِمْ، فَشَاوَرَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ ﵃ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: خُذْ مَنْ كُلِّ نَوْعٍ، فَأَخَذَ مِنْ كَلِّ دِرْهَمٍ ثُلُثَهُ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا فَجَعَلَهُ دِرْهَمًا، فَجَاءَتِ الْعَشَرَةُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ قِيرَاطًا، وَذَلِكَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ؛ لِأَنَّ الْمِثْقَالَ عِشْرُونَ قِيرَاطًا.
قَالَ: (وَلَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، وَتَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَتُضَمُّ قِيمَتُهَا إِلَيْهِمَا) لِأَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ. وَالنَّمَاءُ يَكُونُ إِمَّا بِإِعْدَادِ اللَّهِ تَعَالَى كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى أَعَدَّهُمَا لِلنَّمَاءِ حَيْثُ خَلَقَهُمَا ثَمَنَ الْأَشْيَاءِ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِمَا وَالْمُعَامَلَةِ بِهِمَا إِلَى التَّقْوِيمِ وَالِاسْتِبْدَالِ، وَتَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِعَيْنِهِ كَيْفَ كَانَ أَوْ يَكُونُ مُعَدًّا بِإِعْدَادِ الْعَبْدِ، وَهُوَ إِمَّا الْإِسَامَةُ أَوْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، فَيَتَحَقَّقُ النَّمَاءُ ظَاهِرًا أَوْ غَالِبًا، وَلَيْسَ فِي الْعُرُوضِ نِصَابٌ مُقَدَّرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِذَلِكَ فَيُرْجَعُ إِلَى الْقِيمَةِ، وَإِذَا قُوِّمَتْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ صَارَ الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةَ فَتُضَمُّ إِلَى التَّقْدِيرِ لِمَا مَرَّ وَتُقَوَّمُ بِأَيِّ النَّقْدَيْنِ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ، وَالتَّقْوِيمُ يُعَرِّفُ الْمَالِيَّةَ، وَالنَّقْدَانِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَيُخَيَّرُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يَقَوِّمُهَا بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا نَظَرًا لَهُمْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1 / 112