وفي بعض كلام الباقر دليل عظيم على علم زيد بن علي عليهما السلام، وأن الباقر إنما سمي بهذا الاسم لتبقره في العلم، والتبقر التوسع، فإذا اعترف الباقر لزيد بالسيادة فقد اعترف له بالريادة عليه السلام في العلم بقوله لأبي خالد وأبي حمزة، وقد تقدم ذكرهما: يا أبا خالد ويا أبا حمزة إن زيد أعطي من العلم علينا بسطة، فصح بإفراده عليه السلام واعترافه أن زيدا كان أعلم منه وأفضل، فما ظنك برجل فاق الباقر فضلا وعلما، واعترف بفضله وصحة إمامته أبو حنيفة أكثر الأئمة فهما.
قال الذهبي في ترجمة جابر الجعفي: أنه حفظ عن الباقر سبعين ألف حديث، فانظر إلى سعة علمه عليه السلام، وانظر إلى سعة علم زيد حيث يقول الباقر: هو أعلم منه صلوات الله عليهما انتهى بلفظه.
قلت: ولم يخل زمان من قائم من أهل البيت عليهم السلام يعلن عن الحق ويظهره ويمحق الباطل ويطمسه، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين))، والمراد به أهل البيت لما صح من الأخبار المشهورة والمتواترة مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى)).
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون)) إلى غير ذلك فقد دلت هذه الأخبار على عدم خلو الزمان منهم، فما ظنك بمن علمه هو العلم واتباعه هو النجاة، وسنده أصح الأسانيد.
قال العلماء: إن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعل دوامها بدوامه، ودوام أهل بيته عليهم السلام.
صفحة ٩