إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
تصانيف
إما أن يكون المراد بالسفهاء الذين ينفقون المال في المعاصي، أو الذين يضعونه، فإيهما ثبت، فلا يخلو من أحد وجهين أيضا، وذلك إما أن تكون الآية عامة في كل السفهاء أو خاصة بمن يجب إنفاقه أو يستحب أو يباح، إن كانت عامة وكان المراد بالسفهاء من ينفق المال في المعاصي فواضح؛ لأن الذين يسلمون المال إليهم وينفقونه في المعاصي قد تناولته الآية بصريحها؛ لأنهم ينفقونه في المعاصي من سفك الدماء ونهب الأموال ، واضطهاد المحقين، وظلم الأيتام والمساكين، ويجب أن يكون قوله تعالى: {وارزقوهم فيها واكسوهم}[473] خاص بسد فاقة من لا يحل دمه، وستر عورته ممن يجب إنفاقه أو يستحب أو يباح من أهل المعاصي دون الذين يبغون في الأرض بغير الحق من سلاطين الجور وأعوانهم لقوله تعالى: {فقاتلوا التي تبغي...}الآية، وثمرة القتال إتلافهم بأي ممكن وسلبهم وانتهاب ما يجلبون به على المسلمين ويتقوون به، ومن أطعمهم أو كساهم فقد ناقض ذلك، وخالف حكم أحكم الحاكمين، وإن كانت خاصة من عند الباغين الذين يجب إنفاقهم أو يستحب أو يباح، وكان المراد بالسفهاء من ينفق المال في المعاصي أيضا، فهي تدل على تحريم تسليم الأموال إلى غيرهم من الظالمين بالفحوى؛ لأنه إذا حرم تسليم المال إلى من ينفقه في المعاصي من خواص الإنسان، أو إلى من يستحب له أن ينفقه أو يباح فالأولى أن يحرم تسليمه إلى من ينفقه في المعاصي من غيرهم؛ لأنه لا أصل لجواز تسليم المال إليه، وهو على تلك الحال البتة، وإن كان المراد بالسفهاء من يضيع المال، فإنه يدل على تحريم تسليم المال إلى من ينفقه في المعاصي بالفحوى، سواء كانت الآية عامة أو خاصة بمن تقدم ذكره.
صفحة ٨٨