(25) ولكن كيف تمكن الإنسان أن يكون قد وقف حيث ما كانت في المشار إليه أنه معنى من المشار إليه حين علم أنه مركب من شيئين، لولا أنه علم كل واحد من المركبين على حياله ثم ركب. فمن هذا يجب أن تكون التسمية التي تدل على تركيب بتغير شكل متأخرة ومأخوذة عن لفظ ما علم وحده بسيطا بلا تركيب. فلذلك رأى القدماء أن هذه هي المشتقة وأن تلك هي المثالات الأول، لأنهم إنما يرون أن الألفاظ إنما أحدثت بعد أن عقلت الأشياء، وأن الألفاظ إنما تدل أولا على ما عليه الأمور في العقل من حيث هي معقولة ومتى حدث للعقل فيها فعل خاص، وأنه لا ينكر أن تكون الأشياء من قبل أن يحدث فيها للعقل فعل خاص ومن حيث كانت هي أقرب إلى المحسوس قد كان يدل عليها إما بإشارات وإما بحروف وإما بأصوات وزعقات، أو بألفاظ غير متأمل أمرها ولا مدبرة من أنحاء دلالاتها - فحينئذ إما أن لا تكون تلك ألفاظ وإما أن تكون غير كاملة، فإن الكاملة منها هي التي حصلت دالة عليها بعد أن صارت معقولة بفعل للعقل فيها خاص. فاذلك يجب أن تجعل الدالة عليها وهي مفردة مثالات أول، وباقيها مشتقة منها، مثل " الضرب " فإنه مثال أول، و" الضارب " و" يضرب " و" ضرب " و" سيضرب " و" مضروب " وأشباه ذلك مشتقة، وكذلك في غيرها.
(26) والمقولات التسع الباقية يدل على كل واحد منها باسمين، مشتق ومثال أول، وأسماؤه المشتقة كثيرة، مثل " عالم " و" معلوم " و" يعلم " و" علم " وغير ذلك مما له تصاريف. وأما المقولة الدالة على ما هو المشار إليه فإن أجناسها وأنواعها أسماء أكثرها مثالات أول ولا تصاريف لها أصلا، وفي بعضها ما شكل لفظه شكل مشتق وليس معناه مشتقا، مثل " الحي " . وأما فصولها التي تعرف بأجناسها فتلتئم منها حدودها، فإنها كلها يدل عليها بأسماء مشتقة. وكل ما يدل على ما هو المشار إليه فإن المشار إليه منطو فيه بالقوة. وكذلك الأسماء المشتقة الدالة على سائر المقولات فإن المشار إليه منطو فيهابالقوة. وذلك أن المثالات الأول الدالة على سائر المقولات المنتزعة تنطوي فيها أجناسها بالقوة مدلولا عليها بالمثالات الأول. وإذا أخذت مدلولا عليها بألفاظها المشتقة انطوت فيها أنواعها بالقوة مدلول عليها بألفاظها المشتقة وانطوى فيها مع ذلك المشار إليه بالقوة أيضا. إلا أن تلك تنطوي فيها على مثال ما ينطوي المشار إليه تحت كل ما يعرف منه ما هو. وأما أنواع المقولات الأخر فإن المشار إليه الذي هو تحت كل نوع منها لا يمكن أن نشير إليه إلا مع المشار إليه الأول، مثل " هذا البياض " ، فإنا نشير إليه وهو في هذا الثوب أو في هذا الحائط، لأنا نشير إلى الثوب أو إلى الحائط. إلا أن المشار إليه الأول لا يمكن أن نسميه باسم مشتق من اسم هذا البياض، إذ كان لا اسم له، ولكن يدل عليه بأن يقال " هو في موضوع لا على موضوع " . والمشار إليه الأول لا ينفك من مشار إليه هو في موضوع لا على موضوع، وإنما يوصف المشار إليه الذي لا في موضوع بنوع المشار إليه الذي هو في موضوع، إذ كان المدلول عليه باللفظ نوعه وليس هو بنفسه.
الفصل السابع:
أشكال الألفاظ وتصريفها
صفحة ٧