الباب الأول
### || الحروف وأسماء المقولات
الفصل الأول
حرف إن
(1) أما بعد فإن معنى ان الثبات والدوام والكمال والوثاقة في الوجود وفي العلم بالشيء. وموضوع إن وأن في جميع الألسنة بين. وهو في الفارسية كاف مكسورة حينا وكاف مفتوحة حينا. وأظهر من ذلك في اليونانية " ان " و" اون " ، وكلاهما تأكيد، إلا أن " اون " الثانية أشدتأكيدا، فإنه دليل على الأكمل والأثبت والأدوم. فلذلك يسمون الله ب " اون " ممدود الواو، وهم يخصون به الله، فإذا جعلوه لغير الله قالوها ب " ان " مقصورة. ولذلك تسمي الفلاسفة الوجود الكامل " إنية " الشيء - وهو بعينه ماهيته - ويقولون " وما إنية الشيء " يعنون ما وجوده الأكمل، وهو ماهيته. إلا في الإخبار فقط دون السؤال.
الفصل الثاني:
حرف متى
(2) وحرف " متى " يستعمل سؤالا عن الحادث من نسبته إلى الزمان المحدود المعلوم المنطبق عليه، وعن نهايتي ذلك الزمان المنطبقتين على نهايتي وجود ذلك الحادث - جسما كان ذلك أو غير جسم - بعد أن يكون متحركا أو ساكنا، أو في ساكن أو في متحرك. وليس بشيء من الموجودات يحتاج إلى زمان يلتئم به وجوده أو ليكون سببا لوجود موجود أصلا. فإن الزمان متى ما عارض باضطرار عن الحركة، وإنما هو عدة عدها العقل حتى يمحي به ويقدر وجود ما هو متحرك أو ساكن. وليس الحال فيه مثل الحال في المكان، فإن أنواع الأجسام محتاجة إلى الأمكنة ضرورة في الأشياء التي أحصاها من قبل.
الفصل الثالث:
المقولات
(3) والذي ينبغي أن يعلم أن أكثر الأشياء المطلوبة بهذه الحروف وما ينبغي أن يجاب به فيها فيسمي الفلاسفة باسم تلك الحروف أو باسم مشتق منها. وكل ما سبيله أن يجاب به في جواب حرف " متى " إذا استعمل يسمونه بلفظ ة متى. وما سبيله أن يجاب به عن سؤال " أين " يسمونه بلفظة أين.وما سبيله أن يجاب به في " كيف " يسمونه بلفظة كيف وبالكيفية. وكذلك ما سبيله أن يجاب به في " أي " بلفظة أي. وما يجاب به في " ما " يسمونه بلفظة ما والماهية. غير أنهم ليس يسمون ما سبياه أن يجاب به في حرف " هل " بلفظ هل، ولكن يسمونه إن الشيء.
(4) وكل معنى معقول تدل عليه لفظة ما يوصف به شيء من هذه المشار إليها فإنا نسميه مقولة. والمقولات بعضها يعرفنا ما هو هذا المشار إليه، وبعضها يعرفنا كم هو، وبعضها يعرفنا كيف هو، وبعضها يعرفنا أين هو، وبعضها يعرفنا متى هو أو كان أو يكون، وبعضها يعرفنا أنه مضاف، وبعضها أنه موضوع وأنه وضع ما، وبعضها أن له على سطحه شيئا ما يتغشاه، وبعضها أنه ينفعل، وبعضها أنه يفعل.
(5) وقد جرت العادة أن يسمى هذا المشار إليه المحسوس الذي لا يوصف به شيء أصلا إلا بطريق العرض وعلى غير المجرى الطبيعي، وما يعرف ما هو هذا المشار إليه، الجوهر على الإطلاق، كما يسمونه الذات على الإطلاق. ولأن معنى جوهر الشيء هو ذات الشيء وماهيته وجزء ماهيته، فالذي هو ذات في نفسه وليس هو ذاتا لشيء أصلا هو جوهر على الإطلاق، كما هو ذات على الإطلاق، من غير أن يضاف إلى شيء أو يقيد بشيء. وما يعرف ما هو هذا المشار إليه هو جوهر هذا المشار إليه. ولأنه ليس يحمل على شيء آخر، لأنه من كل جهاته جوهر لكل ما يحمل عليه. وأما سائر المحمولات على هذا المشار إليه، فإنه ليس واحد منها بجوهر له، وإن كان جوهر الشيء آخر، فلذلك هو جوهر بالإضافة وبتقييد، وعرض في المشار إليه.
صفحة ١