============================================================
سنين بجمغة (أى جتمعة) ودرس وأملى وصنف وروى، فا أخذ فسكويه عنه كلمة واحدة، ولا وعى مسالة، حى كأنه بيته وبينه سد. ولقد تجرع على هذا التوانى الصاب والعلقم ، ومضغ بفمه حنظل التدامة فى نفسه ، وسمع بأذته قوارع الملامة من أصدقائه حين لم ينفع ذلك كله . وبعد ، فهوذكى ، حسن الشعر، تقى اللفظ، وإن بقى فعساه يتوسط هذا الحديث(1)، وما أرى ذلك مع كلفه بالكيمياء واتفاق زمانه وكد بدنه وقليه فى خدمة السلطان، واحتراقه فى البخل بالدانق والقيراط والكسرة والخرقة ؛ نعوذ بالله من مدح الحود باللسان وايثار الشح بالفعل، وتمجيد الكرم بالقول ومفارقته بالعمل" (" الامتاع والموانسة حا ص39- 36).
وواضح ما فى الحملة الأخيرة من تعريض بكتب مسكويه فيه تهذيب الأخلاق و"آداب العرب والقرس" !
ويستخلص من هذه الصورة النى رسمها التوحيدى لمسكويه مايلى : (1) أن مسكويه لم يكن طويل الباع فى الفلسفة النظرية ، ولم يحصل فيها الكثير، على الرغم من الفرص العظيمة الى أتيحت له من وجود أساتذة ممتازين قيمين بالعلوم الحكمية مثل أبى سليمان المنطتى وأبى الحسن العامرى وهو بعزو ذلك إلى قصور فى فهم مسكويه، ويؤيده في هذا ابن سينا .
(2) أن مسكويه كان حريصا على الدنيا وعلى طلب المال ، وأن هذا هو الذى يفسر اشتغاله بالكيمياء، وأنه كان بخيلا كل البخل، حريصا على طلب الدنيا لدى أصحاب السلطان، غير حر فى نفسه، ولا زاهد فى شثون الحياة (3) أن مسكويه كان منافقا : يعظ بما لا يتعظ هو به، ويدعو إلى أخلاق لا يقوم هو عليها فى سلوكه . وهذا الوصف فيما نرجح صحيح فى جملته، يتفق مع الأخبار الى رواها مسكويه نفسه عن نفسه فى كتابه تجارب الأم، من حيث تعلقه بنوى السلطان والتباهى بخدمهم.
(1) وان بقى، 00 الحديث : هذه الجملة غير مفهومة فى هذا السياق، ونحسب ان هنا تحريفا او تقصا لم يتدار كه ناشرا كتاب * الامتاع، على أن هذا الكتاب فى الجملة محتاج الى آن ينشر من جديد نشرة نقدية آمينة (17)
صفحة ٢١