تعبدوا إلا إياه ) [الإسرء : من الآية23] ، وما حكم الله بشيء إلا وقع، فكان عتب موسى لأخيه هارون لما وقع من إنكاره وعدم اتساعه، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء، فكان موسى يربي هارون تربية علم، وإن كان أصغر منه في السن. فانظروا رحمكم الله الى قوله : ان عتب موسى لأخيه هارون لما وقع من إنكاره وعدم اتساعه. هل يقول هذا مسلم. وقال في الكلمة الموسوية: فقال له: ( قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) (الشعراء:29]، والسين في «السجن» من الحروف الزوائد أي: لأسترنك، فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول، فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي ، والعين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون: إنما فرقت المراتب ، العين ما تفرقت ولا انقسمت في ذاتها ، ومرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، وأنا وأنت بالفعل ، وغيرك بالرتبة، فلما فهم ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه يقول له : لا تقدر على ذلك، والرتبة تشهد له بالقدرة عليه، وإظهار الأثر فيه، لأن الحق في رتبة فرعون من الصور الظاهرة التي لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس.
صفحة ٦٦