أن عين وجود الكون هو عين وجود الحق. قد سبق أن للحق تعالى وجودا قائما به قديما أزليا، وللكون وجود آخر محدث مخلوق مفتقر قائم بإمداد الله تعالى له من قدرته وأمره التكويني، وليس قيامه بعين وجود الحق تعالى ، وجود الحق أن يقوم بعينه شيء غير الله، فإنه وجود يليق به، وللخلق وجود ضعيف مفتقر يليق بهم، وهو صادر عن قدرة صاحب الوجود القديم. هذا هو مذهب المسلمين الذين جعلوا بين الحق والخلق مباينة يقتضيها القدم والحدث. وأما جعل الحق خلقا باعتبار، والمخلوق حقا باعتبار، يعود فيقول : الكل هو ما ثم غيره
وأنت هو وهو أنت فهذا صاحب وهم فاسد وخيال زائغ يتعين معرفة زيغه، وتحذير المسلمين من شبهاته، وبالله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تقدم في الكلمة اليعقوبية كلاما فسره في الكلمة الأيوبية، قال في الكلمة اليعقوبية : الممكنات على أصلها من العدم، وليس وجود إلا وجود الحق، تصور أحوال ما هي عليه الممكنات في أنفسها وأعيانها، فقد علمت من يلتذ ومن يتألم .
صفحة ٦٣