وقال: «أف أف؛ لا لا» ومدّ بها صوته، «إلا بزاد ورفقاء وقافلة» (^١).
قال أبو بكر الخلال: في قول أبي عبد الله؛ في مسألة أحمد بن الحسين الأولة: «إن كنت تطيق، وإلا فلا»، فإن أطاق وعلم أنه يقوى على ذلك، فلا يسأل ولا يستشرف نفسه لأن يأخذ ويعطى فيقبل، فهو مثل المتوكل على الصدق، وقد أجازت العلماء التوكل على الصدق، وأنا أبينه بعد هذا، وعلى ما فعل أبو عبد الله ﵀ أيضا.
٩١ - سمعت أبا بكر المروذي، يقول: سمعت أبا عبد الله ﵀ يقول: «قد حججت خمس حجج، ثنتين منها على قدمي، وقد كفى بعض الناس إلى مكة أربعة عشر درهما» قلت: من يا أبا عبد الله؟ قال: «أنا» فمن قدر على هذا فنعم، فأما أن يخاطر فيخرج بغير زاد، وهو لا يؤمل من نفسه هذا، فقد كرهت العلماء ذلك، وقد أنكر أبو عبد الله على المتكلين في ذلك إنكارا شديدا.
٩٢ - أخبرني إبراهيم بن الخليل (^٢)، أن أحمد بن نصر أبا حامد حدثهم، أن أبا عبد الله قد سأله رجل: أيخرج إلى مكة متوكلًا لا يحمل معه شيئا؟ قال: «لا يعجبني، فمن أين يأكل»؟ قال: يتوكل فيعطيه الناس، قال: «فإذا لم يعطوه أليس يستشرف لهم حتى يعطوه لا يعجبني هذا لم يبلغني أن أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين فعل هذا، ولكن يعمل ويطلب (ويتجر) (^٣)».
_________
(^١) انظر كتاب التوكل لأبي يعلى (ص ٥٥).
(^٢) أبو إسحاق الجلاب. انظر ترجمته في كتاب الإرشاد للخليلي (٢/ ٣٣٥)
(^٣) كأن في (ظ): يتحرّا.
1 / 42