المحشي: قوله: «وفاقا للإمام الرازي» تبع المراغي، والذي في المحصول للإمام، إنما هو. وجوبه على الكل.
الشارح: قولهم: إنه على الكل، لإثمهم بتركه، ويسقط بفعل البعض. وأجيب: بأن إثمهم بالترك لتفويتهم ما قصد حصوله من جهتهم في الجملة، لا للوجوب عليهم.
المحشي: لا كما فهمه الإسنوي وغيره. قوله: «للاكتفاء بحصوله من البعض» يرد من طرف الجمهور: بأنه إنما اكتفى به، لأن المقصود -كما علم- من كلامه وجود الفعل، لا ابتلاء كل مكلف به، لا يقال: لو وجب على الكل لم يكتف بفعل البعض، إذ يبعد سقوط الواجب عن الشخص بفعل غيره، لأنا نقول لا بعد فيه كسقوط ما على زيد من دين بأداء غيره عنه، كما سيأتي في كلامه، ولأن سقوطه عنه بذلك إنما هو لتعذر التكليف به، بتعذر الامتثال المسقط للحرج، والتكليف يسقط تارة بالامتثال، وتارة بتعذر الامتثال المذكور.
الشارح: قال المحشي: ويدل لما اخترناه قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر) آل عمران: 104.
وذكر والده مع الجمهور مقدما عليهم، قال: تقوية لهم، فإنه أهل لذلك.
المحشي: قوله: «لإثمهم بتركه» أي: ولتعذر خطاب المجهول، أو لزوم الترجيح بلا مرجح، وعلى ما عليه الجمهور نص الشافعي في مواضع من الأم، كما قاله الزركشي وغيره. قوله : «وأجيب بأن إثمهم بالترك» إلى آخره، يرد من طرف الجمهور: بأن في هذا بعد، إذ كيف تؤثم طائفة بترك غيرها؟ قوله: «قال المحشي: ويدل لما اخترناه قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة) آل عمران: 104 إلى آخره.
إذا قلنا: إنه على البعض، فهل البعض مبهم أو معين؟
صاحب المتن: والمختار: البعض مبهم، ...
الشارح: «والمختار» على الأول: «البعض مبهم»، إذ لا دليل على أنه معين، فمن قام به سقط الفرض بفعله.
المحشي: قال الزركشي: في الاستدلال به نظر، وقد استدل به القرافي «على أن الوجوب متعلق بالمشترك، لأن المطلوب فعل إحدى الطوائف، ومفهوم أحدهما قدر مشترك بينها، لصدقه على كل طائفة، كصدق الحيوان على جميع أنواعه». انتهى. ولو سلم أن الوجوب لم يتعلق بالمشترك.
صاحب المتن: وقيل: معين عند الله تعالى. وقيل: من قام به.
الشارح: «وقيل:» البعض «معين عند الله تعالى»، يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره، كما يسقط الدين عن الشخص بأداء غيره عنه. «وقيل:» البعض «من قام به»، لسقوطه بفعله، ثم مداره على الظن، فعلى قول البعض من ظن أن غيره لم يفعل، وجب عليه.
المحشي: وجب تأويل ما في الآية بالسقوط بفعل طائفة، جمعا بينه وبين نحو قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) التوبة: 29.
قوله: «سقط الفرض» أي الحرج بتركه، كما عبر به جماعة فلا ينافي وقوع صلاة فرقة على جنازة بعد صلاة أخرى فرضا، ولهذا ينوي بها الفرض، ويثاب عليها ثوابه.
قوله: «وبفعل غيره» أي من المكلفين، نعم إن حصل المقصود بتمامه سقط الفرض بفعل الصبي، كصلاته على الميت وحمله ودفنه له.
الشارح: ومن لا، فلا، وعلى قول الكل من ظن أن غيره فعله سقط عنه، ومن لا، فلا.
المحشي: قوله: «وقيل البعض من قام به» هذا من تفاريع القول قبله، وأوهم كلامه ككثير خلافه، نظير ما مر في المسألة السابقة. قوله: «ثم مداره» أي فرض الكفاية.
قوله: «من ظن أن غيره لم يفعله» أي ولا يفعله أيضا، وعلمه بذلك كظنه له كما فهم بالأولى، ومثله يأتي في نظيره على قول الكل.
صفحة ٥٦