المحشي: مسألة فرض الكفاية.
قوله: «كالحرف والصنائع» العطف فيه عطف تفسير، فقد قال الجوهري معرفا «الحرفة: الصناعة، والصناعة حرفة الصانع وعمله» انتهى.
الشارح: أو من عين مخصوصة كالنبي صلى الله عليه وسلم فيما فرض عليه، دون أمته. ولم يقيد قصد الحصول بالجزم، احترازا عن السنة، لأن الغرض تمييز فرض الكفاية عن فرض العين، وذلك حاصل بما ذكر. «وزعمه» أي فرض الكفاية «الأستاذ» أبو إسحاق الأسفراييني، «وإمام الحرمين، وأبوه» الشيخ أبو محمد الجويني: «أفضل من» فرض «العين».
المحشي: وفسر العلاء بن النفيس الصناعة: بأنها ملكة نفسانية يقتدر بها على استعمال موضوعات ما. وغيره: بأنها العلم الحاصل من التمرن على العمل. وكل من التفسيرين إصطلاحي، فظاهره أن الحرفة كالصناعة فيهما، فالعطف بحاله.
الشارح: لأنه يصان بقيام البعض به الكافي في الخروج عن عهدته جميع المكلفين عن الإثم، المركب على تركهم له. وفرض العين إنما يصان بالقيام به عن الإثم القائم به فقط، والمتبادر إلى الأذهان وإن لم يتعرضوا له -فيما علمت- أن فرض العين أفضل، لشدة اعتناء الشارع به، بقصد حصوله من كل مكلف في الأغلب، ولمعارضة هذا دليل الأول، أشار المصنف إلى النظر فيه بقوله: «زعمه»، وإن أشار -كما قال - إلى تقوية بالعزو إلى قائليه -الأئمة المذكورين- المفيد أن للإمام سلفا عظيما فيه، فإنه المشهور عنه فقط، كما اقتصر على عزوه إليه النووي والأكثر.
المحشي: قوله: «لأن الغرض» إلى آخره تعليل للنفي لا للمنفي قوله: «وزعمه أي فرض الكفاية» إلى آخره، ذكر الزركشي أن بين تعبير المصنف بأنه أفضل ح وتعبير من ذكر بأن القيام به أفضل تفاوتا.
ورده العراقي: «بأن المراد بالفرض هنا، القيام به، إذ لا يراد تفضيل نفس العبادة، بل تفضيل القيام بها، بمعنى كثرة ثوابه، ولهذا علل بسعيه في إسقاط الإثم، عن الأمة»، والأولى أن يقال: لا يضر التفاوت بينهما، بل كل منهما صحيح، لكن الأول أولى لأن الفرض موصوف بالأفضلية قصدا، والقيام به موصوف بها تبعا، لأن الفرض هو الفعل الحاصل بالفعل المصدري.
هل يتعلق فرض الكفاية بالكل أو بالبعض؟
صاحب المتن: وهو على البعض،
الشارح: «وهو» أي فرض الكفاية «على البعض».
المحشي: لأنه الذي يتعلق به التكليف، لكونه وجوديا، لا الفعل المصدري، لأنه أمر اعتباري لا يتعلق به تكليف.
قوله: «الكافي» صفة لقيام، و«جميع المكلفين» نائب فاعل ل «يصان».
قوله: «وإن لم يتعرضوا له» أي صريحا، وإلا فقد تعرضوا له ضمنا، كقول أئمتنا تبعا للإمام الشافعي: إن قطع طواف الفرض لصلاة الجنازة مكروه، لأنه لا يحسن ترك فرض العين لفرض الكفاية.
فتعليلهم هذا يقتضي أفضلية فرض العين على فرض الكفاية، وهو الأوجه، ولا ينافيه تقديم إنقاذ المشرف على الغرق على الصيام في حق صائم لا يتمكن من إنقاذه إلا بالإفطار، لأن هذا التقديم ليس للأفضلية، بل لخوف الفوات، وهو لا يدل عليها، بدليل تقديم النفل على الفرض لذلك، كتقديم كسوف خيف فيه الانجلاء على مكتوبة لم يضق وقتها. قوله: «في الأغلب» احترازا عما خص به النبي ? أو غيره.
صاحب المتن: وفاقا للإمام، لا الكل، خلافا للشيخ الإمام، والجمهور.
الشارح: وفاقا للإمام» الرازي للاكتفاء بحصوله من البعض. «لا» على «الكل خلافا للشيخ الإمام» والد المصنف، «والجمهور» في.
صفحة ٥٥