61

حقيقة الإيمان

تصانيف

والحق في ذلك أن لفظ الاعتقاد إنما هو بمعنى "ما يجب أن يعقد عليه القلب" من معان، فخرج بذلك منه كل الأعمال سواء الأعمال التركية - أي ترك أعمال الشرك - كالسجود لصنم والدعاء لغير الله - دعاء عبادة ومسألة - أو الأعمال الفعلية المشترطة لصحة الإسلام - على اختلاف فيها - وصار هو بمعني قول القلب وعمله. فالقدر المنجي من الخلود في النار إذن - حسب ما قررنا قبل ذلك - هو: الاعتقاد: وهو ما يجب أن يعقد عليه القلب من معان خاصة بالربوبية والألوهية، وبرسالة الرسول ﷺ وما يتضمنها من أوامر ونواهي - عند من بلغته الأوامر والنواهي تفصيلًا - معرفة وتصديقًا وإقرارًا قلبيًا (أو التزامًا بها) وهذا معنى قول القلب وعمله (١) . العمل: وهو ترك أعمال الشرك الأكبر كلها كالسجود للصنم أو دعاء غير الله تعالى وإتيان الأعمال المشروطة لصحة الإسلام كما أوضحنا من قبل - على خلاف فيها - لمن بلغته الشرائع، تحقيقًا لإتيان جنس العمل اللازم لصحة الإيمان إجماعًا. ثم إن هؤلاء قد قالوا - من غير دليل معتبر - أن المسلم مهما أتى من عمل من الأعمال لا يكفر بذلك طالما أن اعتقاده صحيح فيه، وطردوا ذلك المعنى في جميع الأعمال فلم يفرقوا بين أعمال الكفر وأعمال المعاصي، وجعلوا فساد الاعتقاد شرطًا في كفر من عمل أي عمل من أعمال الجوارح أيًا كان هذا العمل، والحق أن هذه المسألة لها تفصيل. فإنه يجب أن نفرق بين الأعمال التي يكفر فاعلها، وبين أعمال المعصية عامة.

(١) والكفر من باب الاعتقاد يكون إما بسقوط قول القلب أي تصديقه، ويكون من المكذب وهو كفر التكذيب، أو بسقوط عمل القلب أي انقياده والتزامه ومحبته كمن أنزل الله تعالى فيهم (لا تعتذروا..) الآية، وجهمية المرجئة قد قصروا الكفر على سقوط قول القلب فانتبه.

1 / 61