134

حضارة العرب

تصانيف

شكل 4-9: باب السيدة بالجامع الأزهر في القاهرة (من تصوير كوست).

شكل 4-10: القسم الأعلى من مآذن الجامع الأزهر (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).

وضربت الصناعة والصياغة والحياكة والنجادة والزخرفة بسهم كبير في الكمال في زمن الفاطميين (972م-1171م) كما روى المؤرخ العربي المقريزي الذي جاء البحث في آثار زمانه مصدقا لروايته، فكانت جدران البيوت تغطى بألواح القاشاني المطلي أو بالملاط الكلسي الرخامي المزين بالزخارف الزاهية والنقوش العربية كما نتمثله بسهولة من بعض القصور العربية الحاضرة في القاهرة، وكانت أرض تلك القصور تفرش بالفسيفساء، أو البسط الموشاة، وكان أثاثها يصنع من الخشب الثمين المرصع بالصدف أو العاج، وكانت متكآتها ذات رياش مزين في لحمته بصور الحيوان، وكانت نمارقها تكسى بالنسائج الأرجوانية الرائعة.

وارتقت الصناعة المعدنية في زمن الفاطميين إلى حد بعيد أيضا، كما يشهد بذلك ما انتهى إلينا من الأواني والأكواب والأباريق والأطباق والمصابيح، وغيرها من ألوف المصنوعات التي نشرنا صور نماذج كثيرة لها في هذا الكتاب.

وكانت قصور الخلفاء الفاطميين فخمة، ويثبت ما نراه في المساجد المصرية القديمة، التي ظلت قائمة، من الزخرف أنه لم يكن في وصف الكتاب لها شيء من المبالغة.

وقص المؤرخون علينا نبأ القصر العربي القديم الذي بناه خمارويه ابن طولون سنة (271ه / 884م)، أي قبل ظهور الفاطميين، فقد كان يحيط بذلك القصر، على حسب ما جاء في الأخبار العربية، رياض واسعة ذات زهور على شكل آي من القرآن، وكان يرى في رداهه الذهبية المقه

8

تماثيل لذلك الأمير ونسائه ذات ثياب ثمينة، وكانت له حظيرة جميلة للحيوانات الكثيرة، وكان يوجد تحت أحد أروقته الرخامية حوض زئبق عرضه ثلاثون مترا فينعكس عليه نور النهار وأشعة القمر والنجوم، وكان يشاهد من جوسق أنيق فيه منظر جميل لحدائقه وللنيل والريف.

شكل 4-11: نافذة في جامع السلطان قلاوون .

ولا تكفي الأوصاف المختصرة التي جاءت في كتب العرب عن القصور العربية في مصر منذ ألف سنة، فترانا مضطرين إلى إتمامها بما رواه أوربي يدعى غليوم الصوري في كتابه التاريخي عن حروب أمراء النصارى في فلسطين مستندا إلى ما قصه السفراء الذي أرسلوا إلى بلاط ملك مصري، قال غليوم الصوري:

صفحة غير معروفة