منحة العلام في شرح بلوغ المرام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
تصانيف
الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:
قوله: (بفضل ميمونة) هي ميمونة بنت الحارث الهلالية، تزوجها النبي ﷺ سنة سبع لما اعتمر عمرة القضية، وبنى بها في (سَرِفَ) - موضع بينه وبين التنعيم ثلاثة أميال - وذلك بعد موت زوجها أبي رُهْم بن عبد العُزَّى، وهي اخر من تزوجها النبي ﷺ، وقد أثنت عليها عائشة ﵂ بقولها: (إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم) (^١)، توفيت بِسَرِفَ سنة إحدى وخمسين على أرجح الأقوال، ﵂.
قوله: (إني كنت جنبًا) تقدم أن الجنب: من أصابته جنابة بجماع أو إنزال، وهو لفظ يطلق على الذكر والأنثى، والمفرد والمثنى والجمع بلفظ واحد على الأفصح، وتثنيته لغة.
قوله: (إن الماء لا يجنب) يجوز في ضبطها فتح النون، من جَنَبَ يَجْنَبُ من باب فرح، أو ضمها من باب كَرُمَ، هذا إن جعلته من الثلاثي، ويجوز ضم الياء من الرباعي، يقال: أجنب الرجل: إذا أصابته جنابة، والمعنى: أن الماء لا تصيبه الجنابة، ورواية النسائي: «فإن الماء لا ينجسه شيء»، قال السندي: (وهي وِفْقُ تلك الرواية .. أي: إذا استعمل منه جنب أو محدث فلا يصير البقية نجسًا بجنابة المستعمل أو حدثه) (^٢).
الوجه الرابع: في هذا الحديث وما قبله دليل على جواز اغتسال الرجل بالماء الذي يبقى من غُسل المرأة، وأن هذا الاغتسال لا يؤثر في طهورية الماء؛ لأن الماء لا ينجس، وهذا الفعل من الرسول ﷺ لبيان التشريع، وهو دليل الجواز، فيكون ثبوت الفعل قرينة صارفة عن حمل النهي - فيما تقدم - على التحريم؛ لأنه ﷺ قد ينهى عن الشيء ثم يفعله، أو يأمر بالشيء ثم يتركه، وكل ذلك من باب بيان التشريع، وأن الأمر ليس للوجوب،
_________
(^١) رواه ابن سعد في "الطبقات" (٨/ ١٣٨) وقال الحافظ في "الإصابة" (١٣/ ١٤٠): (هذا سند صحيح).
(^٢) "حاشية السندي على النسائي" (١/ ١٧٣).
1 / 50