وهو عينها". وقال الجيلي أيضًا: إن النصارى لم يكفروا بأصل الحلول، وإنما كفروا بالحصر الذي تضمّنه كلامهم: إن الله هو المسيح لا غيره من الأشياء، ولو عمموا لم يكفروا! وهذا الكلام مما تقشَعِرُّ منه جلود المؤمنين. فقول النبهاني: إن النبي ﷺ لا يخلو منه زمان ولا مكان- ناقلًا عن البرهان الحلبي- هو من شعب ذلك الوادي.
وللقوم غلو في هذا المقام يأباه المتشرعون، ومنه قولهم: إن الشرائع المتقدمة على ظهور ﷺ شريعته، والأنبياء من قبله نوّابه في التبليغ، ووقوع النسخ في هاتيك الشرائع كوقوعه في شريعته التي ظهر بها، وعلى هذا قول قائلهم:
كل النبيين والرسل الكرام أتوا ... نيابة عنه في تبليغ دعواه
فهو الرسول إلى كل الخلائق في ... كل الدهور ونابت عنه أفواه
وقال ابن الفارض على لسان الحقيقة المحمدية:
وإني إن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي
ومن ذلك دعواهم لرؤياه ﷺ بعد وفاته، فقد ادّعاها غير واحد منهم، وادّعوا أيضًا الأخذ منه يقظة، قال الشيخ سراج الدين بن الملقِّن في "طبقات الأولياء" في ترجمة الشيخ خليفة بن موسى النهر ملكي: كان كثير الرؤية لرسول الله ﷺ يقظة ومنامًا، فكان يقال إن أكثر أفعاله يتلقاه منه ﷺ يقظة ومنامًا، ورآه في ليلة واحدة سبع عشرة مرة، قال له في إحداهن: يا خليفة؛ لا تضجر مني فكثير من الأولياء مات بحسرة رؤيتي!
وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في "لطائف المنن": قال رجل للشيخ أبي العباس المرسي: يا سيدي! صافحني بكفك هذه فإنك لقيت رجالًا وبلادًا! فقال: والله ما صافحت بكفي هذه إلا رسول الله ﷺ! قال: وقال الشيخ لو حجب
1 / 72