الشيخ الهندي ما زال بعد أن فارقني يذكر من فساد عقيدتي بين العامة، وتطاولي على الدين، واحتقاري للشرع ما وسوس له به شيطانه، وسولته له نفسه الخبيثة، حتى ألهب قلوبهم حقدًا عليّ وغيظًا مني، وتحركت نفوسهم الشريرة لإيذائي على حق أذعته فيهم ونشرته بينهم، وبدعة أنكرتها عليهم، وبيّنتُ لهم فسادها وأنها ليست من الدين".
وذكر قصة جرت له بسبب ذلك في أحد مساجد الجامعة في الهند، ثم قال: "هكذا بذر علماء السوء بذور الخرافات والبدع والعقائد الفاسدة في قلوب العامة، فتمكنت في قلوبهم، حتى تعذر على أحذق الناس بأمراض القلوب علاجها، واختيار دواء نافع لها، وليس هذا محل بسط الكلام على هذا الموضوع، وموعدنا إن شاء الله القسم الثاني من هذا الكتاب وهو قسم الإرشاد، فإنه به أمس وأشد ارتباطًا". انتهى كلامه. وقد شفى به صدور المؤمنين جزاه الله خير الجزاء، ومقصودنا منه ما يتعلق بمقالة النبهاني وخرافته، وسقنا الكلام كله حرصًا على ما فيه من الفوائد.
ثم إن النبهاني هذا أخذ مقالته هذه من أهل الاتحاد والحلول، قال عبد الكريم الجيلي: إنّ "هو" من قوله: (قل هو الله أحد) راجع إلى ضمير الخطاب المستتر في (قل) المقدّر بِأنْتَ؛ مرادًا به الإنسان الكامل، وهو رسول الله ﷺ.
وهذا ضرب من الهذيان تفرّع على قول محي الدين ١: "سبحان من أظهر الأشياء
_________
١ هو محيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد الطائي الحاتمي، المعروف بابن عربي.
ولد سنة (٥٦٠) في مرسيه بالأندلس، وانتقل إلى إشبيليه، ونزل دمشق وتوفي بها سنة (٦٣٨) .
له تصانيف كثيرة ملأها بالشحطات، والقول بوحدة الوجود، مما أدى بجماعة من أهل العلم إلى الحكم بكفره.
قال الذهبي في "السير": "ومن أردأ تواليفه كتاب "النصوص" فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة. فواغوثاه بالله".
انظر: "سير أعلام النبلاء" (٢٣/ ٤٨) و"ميزان الاعتدال" (٣/ ١٠٨) و"شذرات الذهب" (٥/١٩٠) و"تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي" للبقاعي و"جزء فيه عقيدة ابن عربي وما قال المؤرخون والعماء فيه" لتقي الدين الفاسي.
1 / 71