تقطع المدد عنهم، وأن تنقص منهم العدد، وأن تملأ أفئدتهم بالرعب، وتقبض أيديهم عن البسط، وتحرم ألسنتهم عن النطق، وتشرد بهم من خلفهم، وتنكل بهم من وراءهم، وتقطع بحربهم أطماع من بعدهم، اللهم عقم أرحام نساءهم، ويبّس أصلاب رجالهم، واقطع نسل دوابهم وأنعامهم، اللهم لا تأذن لسمائهم في قطر، ولا لأرضهم في نبات.
الأمر الخامس: أن كثيرًا ممن يُظهِرُ عقيدة الغلاة وينتصر لهم ويصوّبُ رأيهم- في جواز نداء الصالحين ودعائهم، والالتجاء إليهم والاستغاثة بهم، وقصدهم بالنذور وبكل زور، مما استباحوه من الأعمال والأقوال المناقضة لما جاءت به الأديان التي شرعها ذو الجلال والملك المتعال -هم زنادقة لا يعترفون بأن للعالم إلهًا خالقًا مدبرًا للكائنات علويها وسفليها، منكرين للكتب الإلهية وما اشتملت عليه من الأحكام، نافين للمعاد وليوم التناد، ويقولون: لا حساب، ولا كتاب، ولا جنة ولا نار، ولا آخرة ولا دار قرار، ومقصودهم من الانتصار للغلاة وأهل الطرائق المبتدعة وما اشتملت عليه من المنكرات وما لم يأذن به الله من العبادات؛ ستر عوارهم بباطل انتصارهم، والتوصل إلى شتم أهل الحق وحماة الدين، وإغاظة من خاصمهم على باطلهم من الموحدين. وقد سمعت أن بعض الأوغاد من زنادقة بغداد ألّفوا كتابًا سموه "الفجر الصادق"- وكان الحرّيُّ أن يسموه بأقوال المارق -قد اشتمل على تصحيح أقوال المبتدعة وضلالات الغلاة، ومخازي آراء الغواة، معاداة للرادين على أقوالهم، والمظهرين لأحوالهم والكاشفين حجب جهلهم وضلالهم، وتوصلًا إلى شتم من عاداهم من أهل الحق لزيغهم، ومراغمة لمن جرد عليهم صوارم براهين رد باطلهم، وهم من مشاهير زنادقة بغداد، مربع الزور والفساد، قد أنكروا المعبود واليوم الموعود، وجحدوا إرسال الرسل والأنبياء، وما اشتملت عليه الكتب الإلهية من الأحكام، والأنبياء، فليس لهم من الإسلام إلا اسمه، ولا من الدين إلا زي منتحله ورسمه، وكيدهم لا يفيدهم، وحالهم معلوم لدى العموم.
ومهما تكن عند امرىء من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
1 / 57